نشرت صحيفة The Times of Israel مقالا للكاتب دان بيرى، يعرض فيه خارطة طريق لحل القضية الفلسطينية تتطلب سلسلة من الإجراءات الجريئة أحادية الجانب من قبل إسرائيل وتعويضات بقيمة 100 مليار دولار. قائلا أن هذا الخيار هو الأقل سوءا رغم أنه لن يرضى الجميع... نعرض منه ما يلى:يعتقد معظم العالم ونصف الشعب الإسرائيلى أن احتلال الضفة الغربية كارثة. لكن لا أحد يعتقد أن إنهاء احتلال هذه المنطقة بالاتفاق مع الجانب الفلسطينى أمر ممكن. إذن ما الحل؟
بادئ ذى بدء، هناك بعض الحقائق والافتراضات:
أولا، لإسرائيل مصلحة كبيرة فى الحفاظ على أغلبية يهودية. والمستوى الحالى يقل قليلا عن 80٪ وهو الحد الأدنى المطلوب لاعتبار الدولة «دولة يهودية». بينما الاحتلال الدائم للضفة الغربية يعرقل تحقيق هذه المصلحة.
ثانيا، طموحات التيار اليمينى المتشدد بشأن رحيل الشعب الفلسطينى وإنهاء وجوده غير أخلاقية بجانب أنها غير قابلة للتطبيق، والجهود المبذولة لفرض مثل هذا الأمر ستلحق بجميع الأطراف الخراب.
ثالثا، اتفاقات الهدنة لعام 1949، أو ما يعرف بحدود ما قبل 1967 أو الخط الأخضر، كلها ليست مقدسة. بمعنى آخر، يتم كسرها أو عدم الالتزام بها.
رابعا، رغم ما ذكر فى النقطة السابقة، فإن خط الهدنة هذا يمنح إسرائيل 78٪ من فلسطين تحت الانتداب البريطانى بعد بتر إمارة شرق الأردن عام 1921. ومطالبة الشعب الفلسطينى بالاستقرار والتوطن فى الجزء الباقى هو أمر صعب.
خامسا، يعد تمتع المنطقة الفلسطينية (أ) بالحكم الذاتى أفضل بكثير من احتلال عسكرى خالص ولكن ما يعد إشكالية هو وجود ملايين ممن يقبعون تحت السيطرة الإسرائيلية دون حقوق التصويت فى إسرائيل (وهو ما سيطلبونه فى النهاية).
سادسا، يجب معالجة المخاوف الإسرائيلية بشأن شن هجمات من الضفة الغربية بجدية. لكن من غير الواقعى الافتراض أن الاحتلال الدائم للسكان المضطهدين والمحرومين فى الضفة (على الرغم من الحكم الذاتى) سيؤدى إلى عنف أقل.
سابعا، على الرغم من أن الشعب الفلسطينى يعانى من القسوة والظلم، إلا أن السلطة الفلسطينية ليست فى عجلة من أمرها لإنهاء الاحتلال. معتقدة أن النتيجة الافتراضية هى حل الدولتين، وقد قوض هذا جهود السلام.
خارطة طريق محتملة
أولا، تضم إسرائيل عددا من المستوطنين والمستوطنات فى الضفة الغربية؛ أى نقل ما لا يزيد على 15٪ من الضفة إلى إسرائيل وهذا سيترك أقل من 100 ألف مستوطن ومستوطنة خارج حدود الدولة اليهودية.
ثانيا، سيتم تعويض الجانب الفلسطينى بتعويضات سخية (ربما 1.5: 1) فى اتفاق سلام نهائى مستقبلى ومثل هذا السعر عادل بالنظر إلى أنهم سيحصلون على أرض صحراوية فى النقب.
ثالثا، سيتم تعويض المستوطنات والمستوطنين العالقين بسخاء، نصف مليون دولار لكل شخص بالغ وربع مليون لكل طفل أو طفلة، بإجمالى نحو 40 مليار دولار وهذا هو ثمن الخطأ الاستراتيجى الهائل؛ مع إجبار من يرفض على المغادرة أو تركه فى الخلف خارج الحدود اليهودية.
رابعا، توافق إسرائيل، دون أن تُسأل ولا تطلب شيئا فى المقابل، على الاعتراف بدولة فلسطين على طول هذه الحدود المؤقتة، والتى ستشمل أيضا غزة.
خامسا، تقود إسرائيل حزمة مساعدات سخية وطويلة الأجل لفلسطين، مع حوافز رئيسية للتعاون؛ ويجب أن تكون مساهمتها بمليارات الدولارات سنويا ــ بشرط عدم القتال ــ وستصبح إسرائيل أيضا مدافعة عن فلسطين فى المنتديات الدبلوماسية والتجارية العالمية.
سادسا، على المدى القصير، سيبقى الجيش الإسرائيلى فى المواقع الرئيسية فى الضفة الغربية مع إزالة جميع قيود السفر غير الطارئة ونقاط التفتيش داخل فلسطين. فى الوقت نفسه، سيتم إنشاء آلية دولية للبحث بحسن نية عن بدائل مثل قوة من الناتو أو من جامعة الدول العربية. فلن يكون هناك تسامح على الإطلاق مع الفصائل شبه العسكرية فى فلسطين.
سابعا، توافق إسرائيل على التفاوض بشأن الحدود بشكل أفضل عندما يصبح الجانب الفلسطينى مهتما أو قادرا على تحقيق اتفاق سلام رسمى.
ثامنا، لن يكون هناك حق فى العودة لملايين أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، مثلما لم يعد اليهود إلى العراق، والألمان لم يعودوا إلى سوديتنلاند والهندوس لم يعودوا إلى باكستان. لكن سيكون هناك تعويض مالى سخى (ربما 10 آلاف دولار لكل حفيد أو حفيدة) مع الحق فى العودة إلى فلسطين الجديدة.
مسألتان تتطلبان اهتماما خاصا
غزة: فى الوقت الحالى لا تشكل غزة أى خطر ديموغرافى، لكن الوضع هناك يجب احتواؤه وإلحاقها بفلسطين كلما تم التضييق على وطرد حماس سواء عن طريق الإكراه أو الإقناع أو التدخل أو الثورة.
القدس: من الناحية النظرية، لا يمكن لإسرائيل أن تبقى الحال كما هو عليه الآن، فهذا سيمنع التعايش ليس مع الشعب الفلسطينى فحسب، بل مع جميع أنحاء المنطقة. لكن من الناحية العملية يمكن « فاتيكنة» Vaticanization البلدة القديمة: دعوة اللاعبين المسلمين الرئيسيين للمساعدة بنشاط فى إدارة البلدة القديمة. وبالتأكيد البعض من الجانب الإسرائيلى لن يؤيد ذلك وسيصبح هائجا.
باختصار، إذا اتخذت إسرائيل هذه المبادرات علنا، فسوف يتم تبنيها على الفور من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ومعظم العالم العربى. لقد سئم العالم من هذا الصراع وتعب من المفاوضات إلى الأبد.
قد يقول البعض أن تكلفة هذه الخارطة لا يمكن تحملها لأنها تتطلب 100 مليار دولار كتعويض فقط. والرد هو أن الناتج المحلى الإجمالى السنوى لإسرائيل يبلغ 400 مليار دولار، وأن العالم (بما فى ذلك العالم العربى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) سيساعد. وعلينا أن نتذكر أن العالم أنفق تريليونات من الدولارات فى محاربة كوفيدــ19.
صحيح أن هذا المسار لن يرضى الجميع. ومع ذلك، قد يكون الخيار الأقل سوءا.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زردالنص الأصلى: