إسرائيل أعلنت الحرب على الشرق الأوسط.. حرب لا تستطيع أن تفوز فيها

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: السبت 3 أغسطس 2024 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

إذا كانت إسرائيل تحتفل باغتيال الزعيم السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، فى طهران باعتباره انتقاما عادلا لجرائم السابع من أكتوبر، فإن المتشددين الإسلاميين فى إيران والجماعات المسلحة فى مختلف أنحاء العالم العربى سوف يرون فى ذلك دليلا إضافيا على اعتقادهم بأن دولة إسرائيل تشكل خطرا لابد من تدميره بأى ثمن.

وعلى هذا، إن الفشل فى وقف الحرب فى غزة يعد أوضح أشكال الوحشية القاتلة فى الشرق الأوسط، وإن الكراهية والعنف والبؤس سوف يستمر بلا رادع، ومن المرجح أن يتفاقم وينتشر. فلم ينجُ أى جزء من الشرق الأوسط ــ لبنان وسوريا والعراق واليمن ومصر والأردن ــ من التداعيات السامة للصراع فى غزة. حتى فى واشنطن العاصمة الأمريكية وبريطانيا، يعصف الغضب والحزن بالسياسة الداخلية. كما يتجلى عجز الأمم المتحدة بشكل مهين يوميا. باختصار، لا أحد محصن ضد هذا السم.
كان من الأفضل لو واجه هنية، مثله كمثل قادة حماس المقيمين فى غزة، محاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ــ وحُكِم عليه بالإدانة فى التهم الموجهة إليه. ولكن هذا لا يمكن أن يحدث الآن. بدلاً من ذلك، سعت إسرائيل إلى تحقيق «العدالة» من خلال القتل خارج نطاق القضاء. كما أن الرجل الذى يشرف على هذه الاغتيالات، بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل والمهندس الرئيسى للحملة الإبادة الجماعية المستمرة ضد المدنيات والمدنيين الفلسطينيين فى غزة، يجب أن يُجبَر على الخضوع للمحاكمة عن جرائمه أيضًا، وأن يحاول المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، ضمان حدوث ذلك، رغم معارضة الولايات المتحدة. ولكن لا يوجد سوى القليل من الدلائل على حدوث ذلك.
• • •
السبب الرئيسى وراء إطلاق حزب الله للصواريخ على الأراضى التى تحتلها إسرائيل الآن هو غزة. قال نصر الله إن الهجمات عبر الحدود سوف تتوقف عندما يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار فى غزة. والواقع أن مقتل هنية، أحد كبار صناع القرار والمفاوضين فى حماس، يجعل مثل هذه الأمر أقل احتمالا، على الأقل فى الأمد القريب. كما يشكل مقتل فؤاد شكر، أحد كبار قادة حزب الله، فى غارة جوية إسرائيلية على جنوب بيروت يوم الثلاثاء الماضى، استفزازا خطيرا آخر، فقد جاء تصفية شكر ردا على هجوم صاروخى مزعوم شنه حزب الله فى مرتفعات الجولان المحتلة فى مطلع الأسبوع الماضى، أسفر عن مقتل 12 طفلا وطفلة من الدروز. من الجدير بالذكر، وسط هذا الفيض الهائل من الأهوال اليومية، أن طفلين قُتلا وأصيب 74 شخصا فى الغارة الجوية على بيروت، وفقا لمسئولين لبنانيين. ومن ناحية أخرى، القوات الإسرائيلية تقتل أطفال غزة دون عقاب منذ أشهر.
أيضا، يقول الحوثيون إن السبب الرئيسى وراء مهاجمتهم لإسرائيل والسفن فى البحر الأحمر هو غزة. ويزعمون أنه إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإن هجماتهم ستتوقف. هذا هو نفس وقف إطلاق النار فى غزة الذى تدعمه، نظريا، الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبى ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. هذا هو نفس وقف إطلاق النار الذى يطالب به ملايين الناس فى العالم العربى وأوروبا والولايات المتحدة منذ أشهر. هذا هو نفس وقف إطلاق النار الذى لا يزال غير واقعى.
لا يعنى هذا أن إسرائيل تتجاهل العواقب الأوسع نطاقا المترتبة على تصرفاتها. ولكنها تقول إن الجميع يتحملون اللوم. فقد قال متحدث عسكرى: «إن العدوان المستمر لحزب الله وهجماته الوحشية تجر شعب لبنان والشرق الأوسط بأكمله إلى تصعيد أوسع نطاقا. وفى حين نفضل حل الأعمال العدائية دون حرب أوسع نطاقا، فإن جيش الدفاع الإسرائيلى مستعد تماما لأى سيناريو».
فى الواقع، إن الحرب الأوسع التى «تفضل» إسرائيل تجنبها هى مشتعلة بالفعل. فقد قصفت إسرائيل ميناء الحديدة على البحر الأحمر فى اليمن الشهر الماضي بعد هجوم بطائرات بدون طيار شنه مسلحون حوثيون – شيعة - مدعومون من طهران على تل أبيب. وتباهى نتنياهو، الذى يتلخص رده على كل مشكلة تقريبا فى العنف الشديد، بأن القصف «يوضح لأعدائنا أنه لا يوجد مكان لا تصل إليه الذراع الطويلة لدولة إسرائيل». وبدا هذا وكأنه إعلان حرب على المنطقة بأسرها. ومع ذلك، فهى حرب لا تستطيع إسرائيل أن تفوز بها.
• • •
هل سترد إيران (التى تعرضت لإهانة بالغة بشكل مباشر) على مقتل هنية؟ هل سيصعد حزب الله من هجماته؟ هل ستتجه إسرائيل (المنقسمة) - التى شوهت سمعتها أكثر بسبب التعذيب والاعتداء الجنسى المزعوم على المعتقلين الفلسطينيين- نحو التفكك الوطنى مع اقتحام المتعصبين من اليمين المتطرف بدعم من رئيس الوزراء نتنياهو لقواعد الجيش لتحرير المعتدين المزعومين؟ من المحتمل جدا. لا يوجد سيناريو غير مطروح على الطاولة فى منطقة يتم فيها حرق ما يسمى بقواعد اللعبة التى منعت حتى الآن اندلاع حريق شامل.
يقول الناس إن الشرق الأوسط معقد، وهو كذلك بالفعل. ويقولون إنه لا توجد حلول، وربما يكون هذا صحيحا. ولكن على الرغم من الصواريخ، فإن غزة ليست معادلة صعبة. إنها ليست معقدة إلى هذا الحد. أوقفوا الحرب. أوقفوا القتل. أنقذوا الأطفال. اتفقوا على وقف إطلاق النار وأطلقوا سراح الرهائن. وعندئذ قد تصبح كل المشاكل الأخرى، رغم أنها لن تختفى، أسهل قليلا فى التعامل معها.

سايمون تسدال
صحيفة ذا جارديان البريطانية
ترجمة: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved