بشرة خير

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 3 سبتمبر 2009 - 9:34 ص بتوقيت القاهرة

 مع اقتراب الشهر الفضيل بأجوائه اللى بنستناها من العام للعام لتهب رياح التغيير على حياتنا الروتينية المملة وتمتلئ بمزيج من البركة والتقوى والشعور بالقرب من الله.. نقيم مهرجانا لاستقباله بيكلفنا وقت وجهد ومال أكتر من استعدادنا لاستقبال أى مناسبة أخرى..

وتتعدد الاستعدادات بدءا من الهجوم الضارى على مستودعات المواد الغذائية وكأننا نحتاط لمجاعة قادمة فى الطريق أو أننا بنجوع بقية السنة وبناكل بس فى رمضان..

مرورا بالتمسح بعتبات محال المكسرات وكأن الصيام لا يقبل إلا إذا أفطر الصائم على عين الجمل والكاجو.. تجهيز جدول العزومات العائلية اللى غالبا بتتكلف أكثر من بقية الشهر بأكمله.. تجهيز خريطة لمسلسلات رمضان الـ9 ملايين وتجهيز أدوية للضغط اللى أكيد هيرتفع بعد مشاهدة مستويات المسلسلات اللى بتتدهور سنة بعد سنة ومقارنتها بالملايين المصروفة عليها ده غير سلوك مخك اللى أكيد هيضرب وانت بتحاول تركز مين بيمثل إيه وبيتعرض فين ولفك دوخينى يا لمونة ورا مسلسلك المفضل على ما تحفظ معاده على قناة من القنوات.. تجهيز فانوس رمضان الصينى المفتخر واللى لازم يكون بيمثل الشخصية المحورية اللى بتدور حواليها حياتنا فى الوقت الحالى..

أنا شخصيا لم أطمئن على فرحة رمضان ولا على العلاقات المصرية الصينية المشتركة غير لما شفت فانوس كرومبو بيلعبلى شنبه فى أحد محال وسط البلد وستر ربنا بس هو اللى ما خلاش حد يفكر يعمل فانوس أوباما بيغنى «هالو يا هالو.. رمضان كريم يا هالو»..

لكن سيبك من الاستعدادات اللى فاتت دى كلها والتقاليع اللى كل سنة بنخترعها واللى بنرهق نفسنا بيها أحيانا لدرجة لا تجعلنا نستمتع بالشهر نفسه.. لكن خلينا فى التقاليع المصرية المفيدة والرائدة.. ما مائدة الرحمن أصلا تقليعة مصرية لكن نعم التقليعة هى.. وكذلك شنط الخير.. شنط رمضان.. من أجمل الاستعدادت والحملات اللى ــ على غير العادة ــ بشرة خير وبتدينى أمل فينا لما باشوفها كل سنة بتكبر عن السنة اللى قبلها.. أكيد عندك فكرة عنها شنطة بلاستيك أو قماش فيها رز على سمن على تمر على فول على سكر وإذا ربنا وفق كيلو لحمة أو فرخة مجمدة.. شباب وبنات فى عمر الزهور زى ما بيقولوا بدأوها والآن بيقتدى بيهم الجميع.. محال كبيرة ومصانع ورجال أعمال بيعيدوا توجيه فلوسهم من موائد الرحمن اللى أصبحت الآن تشكل إهانة للمحتاجين أكتر من مساعدتهم ويتبنى الجميع الآن حملات شنط رمضان.. الشباب بدأوها فى الجمعيات الأهلية، فى الجامعات، والآن حتى على الفيس بوك ومنتديات الإنترنت يقتطعوا أثمانها من مصروفهم ويجمعوا الآلاف والآلاف من الشنط ليقضى أبناء آلاف الأسر الشهر مرفوعين الرأس ولا يذل آبائهم بنظرة الحرمان فى أعينهم.. المستفيد منها حسب أحد التقارير 10% من سكان مصر..

فى بحرى والصعيد من القاهرة لأسوان رياح الخير بتهب على كل أنحاء مصر وبتأكد إننا نقدر نشيل بعض وقت الأزمة ونحس ببعض وقت الحاجة ونحقق شىء وقت ما نبقى عايزين نحققه.. لكن إسرح معايا كده وتخيل الموضوع ده بيستمر بعد رمضان.. ما الناس مش بتجوع بس فى رمضان ولا الثواب بينحصر فقط فى شهر واحد.. تخيلنا كده دولة بيدى الغنى فيها الفقير ويكفيه شر الحاجة.. كل شهر وكل يوم وكل وجبة وفى كل مناسبة أو من غير أى مناسبة..

يمكن الشباب ما يقدروش عليها كل شهر لكن فيه ناس تقدر.. أنا عارفة وانت عارف إن البلد دى فيها ناس تقدر وفيها فلوس تكفى.. لكن المشكلة فى الدافع اللى لازم ولابد يكون هو قدوم شهر رمضان.. يمكن لازم نقدم التماس لفضيلة المفتى يشوفلنا طريقة شرعية تخللى كل شهور السنة رمضان؟.. يمكن فعلا يكون هو ده الحل.. عموما أنا مستمتعة جدا بمشاركة الجميع فى تجهيز وتوصيل شنط رمضان الممتدة حتى آخر الشهر وبعدها حملة توفير كساء العيد.. شهر واحد أحسن من مفيش.. حتى نجد طريقة شرعية أو إنسانية أو حتى حكومية تجعل حملات كرمنا وتكاتفنا تمتد لبقية شهور السنة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved