«فيها فيل»

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الإثنين 3 سبتمبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

هل انتخبت محمد مرسى؟

 

إذن أنت واحد من ثلاثة، إما إنك عضو فى جماعة الإخوان ملتزم تنظيميا، بايعت المرشد وجماعته على السمع والطاعة، ولديك قناعات بمشروع الجماعة، فانحزت لاختيار التنظيم دون أن تشغل بالك بالشخص، لأنك تنتخب الفكرة والتنظيم القائم عليها بأى واجهة.

 

أو أنت لديك إيمان أو قناعة بالفكرة الأيديولوجية الأصولية، ربما أنت جزء من التيار الأصولى العريض، سلفى أو جهادى أو وسطى، أو حتى مواطن عادى استجاب للدعاية الدينية وبات منحازا للرجل الذى يقول إنه سيطبق «شرع الله».

 

أو أنت من أعضاء حزب «الليمون».. أولئك الذين كان هدفهم الرئيسى هو إسقاط أحمد شفيق كأولوية قصوى وليس إنجاح محمد مرسى، وهؤلاء قطاع عريض جدا بينهم ثوريون منتمون لتيارات مدنية مختلفة، ومواطنون عاديون ما كان لهم أن يقبلوا بعودة نظام مبارك من جديد، وكانت القناعة كاملة لديهم أن انتخاب أحمد شفيق يعنى عودة النظام السابق، ويعنى قطع الطريق على فكرة التغيير التى هى فى الأساس جوهر الثورة.

 

لا أحد إذن انتخب مرسى لأنه مؤمن بما كان يسمى «مشروع النهضة» فى الأساس لم تكن المعركة الانتخابية خاصة فى مرحلتها الأخيرة حين اقتصرت على مرسى وشفيق، لها علاقة بالبرامج الانتخابية، هكذا كانت تركيبة الناخبين الذين انتخبوا مرسى، وبالعكس كان الذين انتخبوا شفيق على شاكلتهم، بعض بقايا النظام القديم والمستفيدين منه وخلايا الحزب الوطنى الباقية، وكثير من الخائفين من الإخوان الذين ذهبوا وهدفهم الأساسى إسقاط مرسى وليس إنجاح شفيق.

 

ما كان يسمى إذن بمشروع النهضة لم يكن جزءا من التنافس الانتخابى، ولم يسهم فى تكوين قناعاتك لانتخاب هذا أو الإحجام عن ذاك، لذلك أنا استغرب صدمتك من تصريح نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر بأن المشروع «مجرد مقترح لا تملك الجماعة تصورا نهائيا وكاملا عنه»، هل صدمتك أن من يقول لك إنه لا يوجد مشروع للنهضة لكنها مجرد اقتراحات، هو الرجل الذى للمفارقة يطلقون عليه لقب «مهندس النهضة»؟ أم لأن أحدا غرر بك وأقنعك بوجود تصورات واضحة ومشروع متكامل للنهضة وعلى أساسه اخترت مرشحك للرئاسة؟ أنصحك ألا تخدع نفسك فلم يغرر بك أحد ولم تبن قراراتك الانتخابية إلا على جوانب شخصية وشكلية وكثير من الأمنيات فى النوايا الطيبة لمرشحك.

 

هناك من أقنعك أن «العلبة فيها فيل» فاقتنعت وتخيلت أن فى يده كل الحلول، وعندما اقتنعت استسلمت للذين ذهبوا بالمعارك الانتخابية إلى القشور والجوانب الشخصية ولم يتعمقوا فى التفاصيل، لم تسأل مرشحا وعدك بتأمين صحى لجميع المواطنين أو بكوب ماء نظيف من أين ستمول ذلك؟ تركت الناس يدغدغون أحلامك بالأمانى، يعرفون شكواك ويعدونك بالحل «بركاوى» دون خطط، لذلك كانت برامج كل المرشحين متشابهة فى جوانب كثيرة كالصحة والتعليم والخدمات، وكنت تقاوم من يجرك للتفاصيل ويطلب منك أن تلجأ لعقلك للحكم عليها.. آمنت للأسف أن الشيطان يكمن فى التفاصيل، فحاولت الابتعاد عن الشيطان بالذهاب للمجهول.

 

لا ألومك على شىء فكلنا مازال يتعلم الديمقراطية والاختيار.. والمرة القادمة حين تختار لابد أن تسأل.. وإذا سألت لابد أن تجد إجابة، وإلا ستجد من جديد من يقنعك بأن «العلبة فيها فيل»، ثم لا تجد الفيل ولا العلبة ولا مهندسها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved