الوضع فى الضفة الغربية يثير قلق المؤسسة الأمنية أكثر من غزة وحزب الله
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 3 سبتمبر 2022 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
طال ليف رام
التوجهات العميقة فى الضفة الغربية، والتى تتجلى من خلال ازدياد قوة «حماس» والجهاد الإسلامى فى مناطق معينة، على حساب مكانة السلطة الفلسطينية الآخذة فى التآكل ــ تُقلق المؤسسة الأمنية أكثر من قطاع غزة، ومن حزب الله فى الشمال.
تعمل التنظيمات الكبيرة، وبينها الجهاد الإسلامى، على تعزيز مكانتها فى مخيمات اللاجئين، بواسطة تمويل هؤلاء الشبان وتسليحهم، والذين يعتمد ولاؤهم واعتزازهم على خلفيتهم الجغرافية، وكونهم أبناء مخيم واحد للاجئين فى جنين، وفى بلاطة والقصبة فى نابلس. وتتقدم الصداقة والجيرة والانتماء العائلى على الالتزام بتنظيم له هذه الهوية أو تلك.
عمليات إطلاق النار فى العامين الماضيين نفذت معظمها خلايا محلية فى شمال الضفة، وهذا التوجه يزداد زخما. وبحسب أرقام المؤسسة الأمنية، وقع بين يناير 2021 وحتى يوليو قرابة 30 هجوما وحادثة إطلاق نار. بينما سُجل فى الفترة عينها من العام الحالى 91 حادثة وهجوما، أى بزيادة ثلاثة أضعاف. يمكن تفسير جزء من هذه الحوادث بأنه يعود إلى زيادة النشاطات العملانية للجيش فى مخيمات اللاجئين فى الأشهر الأخيرة فى جنين ونابلس، لكن هذا لا يعدو كونه تفسيرا جزئيا.
فى السنة الأخيرة برز عدد كبير من الشبان الفلسطينيين المستعدين للمخاطرة بحياتهم فى مواجهة قوات الجيش الإسرائيلى الذى يعمل على الأرض، وفى مقابل إطلاق النار فى المخيمات، سُجل ارتفاع كبير أيضا فى عدد عمليات إطلاق النار على الطرقات والمحاور فى الضفة الغربية ضد الجنود والمدنيين.
لكن على الرغم من هذا التصاعد فى إطلاق النار، فإنه سُجل تراجُع فى أعمال الشغب فى المناطق. ولم تؤد عمليات إطلاق النار إلى جر الجماهير الفلسطينية إلى الشوارع، لكن احتمال خطرها كبير على الاستقرار فى المنطقة، وإطلاق النار هذا تحاول كل من «حماس» والجهاد الإسلامى تأجيجه. ونظرا إلى أن هذين التنظيمين يجدان صعوبة فى تنفيذ هجمات منظمة فى مواجهة الاستخبارات الإسرائيلية، فهما يوجهان جهودهما ومواردهما إلى مخيمات اللاجئين من أجل دعم التنظيمات والمجموعات المسلحة الصغيرة.
فى الأعوام الأخيرة، فى أغلبية المرات التى كان الجيش وقوات محاربة الإرهاب يستخدمان «طنجرة ضغط» فى محاصرة منزل مطلوب بهدف اعتقاله، كان المطلوب يخرج من المنزل ويُسلم نفسه. منذ اغتيال النابلسى خلال تباُدل إطلاق نار مع القوات الإسرائيلية، لم يعد المطلوبون يسارعون إلى تسليم أنفسهم، بل يخوضون معركة إطلاق نار مع القوات، حتى وصولهم إلى المرحلة التى يدركون فيها أن موتهم أصبح قريبا، وأنهم حققوا صورا تمجد قتالهم ضد الإسرائيليين. وفى عالم الشباب وشبكات التواصل الاجتماعى، فإن عدد اللايكات والمشاهدات له تأثير فى الحوافز على القتال وتعريض الحياة للخطر، حتى عندما يكون خطر الموت كبيرا.
يحاول الجيش وقف التوجه نحو التقليد. فرقة يهودا والسامرة، التى تقوم بالتخطيط للعمليات فى المخيمات الفلسطينية فى شمال الضفة، تنوى الاستمرار فيها وزيادتها، انطلاقا من نظرية أن الدفاع وحده لا يكفى.
تصاعُد عمليات الجيش الإسرائيلى فى مخيمات اللاجئين سيزيد عدد الحوادث فى مواجهة المسلحين الفلسطينيين، لكن فى اعتقاد الجيش، من دون هذه العمليات، سيزداد إطلاق النار على الطرقات والمحاور المركزية ضد المدنيين.
هذا التوتر، بين عمليات عسكرية لإحباط هجمات وبين التصعيد الذى تؤدى إليه، ومع ازدياد عدد الحوادث وعدد القتلى فى الجانب الفلسطينى، تتحمل مسئولية إدارته قيادة المنطقة الوسطى. يجرى هذا كله فى فترة انتخابات، إذ تصبح قضية الضفة الغربية أكثر تعقيدا، ويمكن للأطراف السياسية استخدام كل عملية للجيش الإسرائيلى من أجل خدمة الحملات الانتخابية.
فى إسرائيل، يعتقدون أنه فى أحيان كثيرة فيما يتعلق بالفلسطينيين، تتغلب المصالح الاقتصادية والشخصية على التطلعات الوطنية، حتى مع عدم وجود حوار سياسى منذ أعوام عديدة. هذا الافتراض صحيح الآن، فى ضوء الاختبار، والنتيجة أن الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين لا تخرج إلى الشوارع للاشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلى.
لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن التوجهات التى تتطور حاليا فى مخيمات اللاجئين، وفى قرى شمال الضفة الغربية، تذكر بأن النضال الوطنى الدائر بين إسرائيل والفلسطينيين لن يختفى، ولا يمكن حله بواسطة مسائل اقتصادية فقط. حجم الحوادث على الأرض ليس كبيرا جدا، لكن يزداد احتمال التصعيد الذى تنطوى عليه هذه الحوادث عشية عيد رأس السنة.
محلل عسكرى
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية