فى القطار من نيويورك إلى واشنطن
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 3 أكتوبر 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
بدعوة من الإعلامى المصرى محمد السطوحى المقيم فى وشنطن، ذهبت أنا والصديق محمد عبدالهادى علام رئيس تحرير الأهرام من نيويورك إلى العاصمة الأمريكية ظهر الجمعة الماضى للمشاركة فى برنامج يقدمه على قناة «الغد العربى» من مكتبها هناك المواجه للمحطة المركزية للسكة الحديد وكذلك لمبنى الكونجرس.
المسافة من نيويورك إلى واشنطن تبلغ حوالى ٢٤٠ كيلومترا. سعر التذكرة ليس ثابتا ويشبه تماما اسعار تذاكر الطائرات. أقل سعرهو ٨٤ دولارا فى القطار «القشاش» اذا جاز التعبير فى «الأوقات الميتة» فى حين قد يرتفع إلى ٤٥٠ دولارا فى بعض أوقات الذروة، أو إذا حجزت التذكرة قبل الإقلاع بوقت قصير، وبالتالى فإن سعر تذكرة القطار قد يتجاوز سعر تذكرة الطائرة فى بعض الأحيان.
على عهدة السطوحى فإن الكثيرين يفضلون القطار لأسباب كثيرة منها ان الرحلة تستغرق حوالى ثلاث ساعات فى المتوسط حسب نوع القطار، ورغم انها لا تزيد على ساعة بالطائرة فإن الذهاب إلى المطار خارج المدينة والخضوع لإجراءات الأمن المشددة قد يجعل زمنها مساويا للقطار وربما أكثر.
الإجراءات سلسة، فحجز تذاكر القطار يتم فى معظم الأحوال إلكترونيا. تسدد ببطاقة الائتمان فتصلك التذكرة على الايميل. تجلس على المقعد ويأتى المفتش ومعه جهاز صغير يسلطه على «الباركود» فتظهر كل المعلومات أمامه بما فيها اسم الراكب.
موعد وصول القطار على الرصيف ودخول الركاب والتحرك لم يستغرق أكثر من عشر دقائق. «التزويغ» مستحيل لأنه لابد من إظهار صورة من التذكرة لموظف قبل العبور للرصيف.
لفت نظرى ان موعد تحرك القطار المكتوب هو الواحدة وتسع دقائق ظهرا.
والغريب ــ بالنسبة لى على الأقل كمصرى ــ أنه تحرك فى الموعد فعلا، والأغرب أنه ــ فى معظم القطارات ــ لا توجد أرقام للمقاعد،كلها موحدة ومريحة وبالطبع مكيفة. يعنى مستحيل تخيل راكب يقف أمام شباك التذاكر ويطلب واحدة ثانية مكيفة أو ثالثة مميزة!.
فى المسافة من نيويورك إلى واشنطن يمر القطار على ولايات نيوجيرسى وفيلادلفيا وبنسلفانيا وديلاوير وميرلاند. على جانبى الطريق مناظر خلابة وأشجار كثيفة متنوعة ومنازل أنيقة ويندر أن تجد كيس قمامة على سبيل المثال، أو أن سيدة تغسل الملابس وأوانى الطبخ فى الأنهار والبحيرات المنتشرة هناك. ولن تجد على سبيل المثال شخصا يجر بقرة أو جاموسة ليسقيها من إحدى الترع والمصارف!!.
داخل القطار كافتيريا ضخمة، كل مائدة تتسع لأربعة أفراد، تركنا مقاعدنا وجلسنا طوال الطريق عليها لأنها تتيح لك الكتابة والقراءة بصورة مريحة. هناك أيضا «واى فاى» مجانا يجعلك متصلا بالإنترنت، إضافة إلى مكان لشحن الأجهزة الإلكترونية، وهناك دورات مياه لا أبالغ إذا قلت إنها أنظف من مثيلتها فى أكبر فنادقنا.
أثناء النزول من المحطات لا تشعر بأى مشكلة، لا يوجد تدافع، كما أنه يستحيل ألا تجد رصيفا لتنزل عليه كما كان الحال فى معظم محطات محافظة أسيوط!.
ومن النادر ألا تجد مقعدا حتى لو كان قبل انطلاق القطار بوقت قليل، والسبب أن شبكة القطارات وعددها يساوى تقريبا حركة الركاب. وبالتالى لا يوجد عندهم أزمة اسمها اختفاء التذاكر قبل احتفالات أعياد الميلاد أو عيد الفصح والهالوين أو أن «باعة الكبدة أمام محطة بن» فى نيويورك أو باعة الهامبرجر فى المحطة المركزية بواشنطن يتاجرون فى التذاكر أثناء المواسم والأعياد!!.
أقسم بالله لا أقصد المقارنة، وأعرف أن هناك فرق إمكانات وموارد وتطور كبير بيننا وبينهم، لكن هناك أشياء غير مرتبطة تماما بالإمكانات. هى مرتبطة فقط بالنظام والقانون والنظافة واحترام المواطنين.
كل سنة وأنتم طيبون ويارب يهيئ لى ابن حلال يحجز لى تذكرة ثانية مكيفة إلى أسيوط اليوم أو غدا.