«لازم باسم»
عمرو خفاجى
آخر تحديث:
الأربعاء 20 نوفمبر 2013 - 7:11 م
بتوقيت القاهرة
نجحت لجنة الخمسين فى ضبط صياغة مواد حرية الرأى والتعبير، واستجابت لطلبات الصحفيين وكل المشغولين بقضايا الرأى والحريات، وألغت مواد الحبس فى قضايا النشر، باستثناء ما طالب الجميع باستمرار الحبس فيه بثلاثة مواضع أساسية، الخوض فى الأعراض الشخصية، والحض على العنف والكراهية، وقضايا التمييز العنصرى، واعتبر الكافة أن ما حدث إنجاز بكل المقاييس، وتحقيق لنضال استمر طويلا من أجل هذا التشريع، خاصة أنه لا يمنح ذلك للصحفيين أو المشتغلين بمهن الصحافة والإعلام فقط، بل لكل المواطنين، حيث تكون حرية الرأى والتعبير مكفولة للجميع أيا كانت صيغة التشر، فى صحف أو تليفزيونات أو وسائل رقمية أو تظاهرات أو اجتماعات عامة أو أى صور أخرى، وهو مكسب كبير، ويمنح المجتمع طاقات جديدة ويبدد مخاوف كانت تنتاب الجميع وهم يعبرون عن آرائهم، وربما كانت هذه المادة هى المادة الأولى التى يصفق لها الرأى العام من المواد التى شملها التعديل فى دستور ٢٠١٢، حتى أن نقابة الصحفيين اعتبرت إقرار تلك المواد انتصارا تاريخيا.
ورغم ذلك، فليس معنى ما حدث أبدا، أن الحريات أصبحت متاحة تماما فى المجال العام، لأن التشريع ليس هو الحاكم الوحيد لإقرارها أو وجودها، فهناك الكثير من العوامل والعناصر التى تتحكم فى منح الحريات للكافة، وفى المقدمة من ذلك الصحفيون والإعلاميون أنفسهم، وقد تابعنا جميعا كيف كان الكثير منهم فى زمن حكم نظام مبارك، لا يستعملون أى قدر من الحريات التى كانت متاحة فى ذلك الوقت، بل إن بعضهم كان يعتبر نفسه منصة لرفض هذا المقدار من الحرية والهجوم على من يحاول استخدامه، إلى جانب شيطنة من يفكر فى تجاوزه، ولم نشهد سجالات حقيقية فى النقاشات الكبرى، ففى الغالب كانت قضايا الحريات تستكمل فى النيابات وساحات القضاء، ناهيك عن التدخل الأمنى المباشر فى شئون النشر، وهو ما تسبب فى بتر القدر اليسير الذى كان متاحا لحرية التعبير، حتى أن هناك قضية شهيرة شهدت محاكمة جنائية لمواطن بسبب نشره تعليقا فى باب رسائل القراء.
أما الطرف الأهم فى الحفاظ على الحريات، فهم ملاك وسائل الإعلام والقائمين على إدارتها، خاصة بعدما تمدد الإعلام الخاص ليحتل مساحات واسعة من المسموع والمرئى والمطبوع والإلكترونى، هم فى نهاية الأمر أصحاب مصالح يبحثون عنها دائما، بل بعضهم ينشئ تلك الوسائل من أجل دعم مصالحه تلك، التى تكون فى الغالب أكبر بكثير من تكلفة الاستثمار فى الوسيلة الإعلامية، فى مقابلهم مجموعات من المواطنين لم يستوعبوا بعد كيفية ممارسة تلك الحريات، ولا يملكون القدرة على السماح باختلاف الآخرين عنهم فى الرأى فى أى قضية كانت، خاصة فى ظل ثنائية «المؤمن ــ الكافر»، أو «الوطنى ــ الخائن»، مثلما فعل بعضهم وذهب إلى المسرح الذى يقدم فيه الزميل باسم يوسف برنامجه «البرنامج»، وحاول البعض منهم تعطيله، وهم تماما مثل الذين كانوا يذهبون للتظاهر أمام مدينة الإنتاج الاعلامى وإرهاب العاملين بها، وهذا لن يمنع أيضا، بعد منع عرض حلقة «البرنامج»، مجموعة أخرى من الجماهير من التظاهر دفاعا عن حق البرنامج فى الظهور، وربما تتعالى أصواتهم بهتاف: «لازم باسم». أعتقد أن المشوار طويل، لأن الحريات لا تتحقق بالتشريعات وحدها.