انتهى بنا الزمان إلى يوم يطال فيه الطب والأطباء العديد من الاتهامات التى تنال من تلك الهالة الباهرة التى تصل بأصحابها إلى مرتبة أصحاب الرسالات. أصبح من السهل أن يتهم الأطباء بمزاولة أعمال الكسب والتجارة والتربح من مهنة سامية أدواتها العلم والرحمة والأمانة. رغم المرارة التى يمكن أن تظل عالقة بحلق الكثيرين منا ممن يرفضون تلك الاتهامات فإنهم يعترفون بها، فالمرض معدٍ وإن تفشى فى مجتمع كان الجميع عرضة للإصابة به ما دون تمييز بين مهنة وأخرى.
لماذا كان ذلك الحديث القائم اليوم؟.. الواقع أن الشىء بالشىء يذكر والضد يظهره القرين.
التقيت خلال الشهور القليلة الماضية بإحدى زميلات المهنة التى ترك لقاؤها بنفسى أثرا مدهشا بدد بعض الغيوم ومشاعر الإحباط التى كثيرا ما تنتابنى. كانت البداية حينما طلبت معاونتها لمريض داهمه أكثر الأمراض خبثا لذا أسميناه بالخبيث. كان مريضا كأغلبية مرضانا من غير القادرين على مواجهة نفقات العلاج. استقبلته كما ينبغى وبدأت علاجه وأنهت كل الأوراق التى تضمن علاجه بالمجان بنفسها وأكملت ما احتاجه على نفقتها الخاصة. اتصلت بى لتنهى إلى ما آل إليه حاله لكنها لم تشر إلى ما تطوعت بفعله معه إلى أن عاد لى المريض بنفسه. كان يحكى عنها كما لو كان تبين حلما فيما يرى النائم. أردت أن أتأكد من حقيقة وجود طبيبة لها تلك الصفات والخلق، وعاودت إرسال مريض ثان وثالث فعادوا بذات الفكر ونفس النتيجة. بل إننى أرسلت لها مريضا بعيادتها الخاصة فلم تتقاضى منه أى أجر عن عملها الذى أدته بإتقان شديد لأنها استشعرت أنه أيضا ربما كان بحاجة إلى ما سيدفعه.
أعرف أن ربما سيغضبها أن أكتب اليوم عنها بالاسم لكنى فى الواقع لن أتراجع فهى بلا شك ليست بحاجة للإعلان فهى اسم معروف وتفوقها واقع وعلمها حقيقة توجته جوائز مرموقة عديدة وفى النهاية هى لى زميلة مهنة. حينما هاتفتها أشكرها علمت أنها بصدد البداية فى مشروع إنسانى علمى ربما تشاركنا فيه هدفه التعريف بمرض السرطان وأهمية التوعية بأعراضه المختلفة وكيفية التعايش معه ومقاومته بل والوقاية منه.
تبدأ الأستاذة الدكتورة «علا خورشيد» الأستاذ بمعهد السرطان نشاطها التطوعى لشرح حقائق مرض السرطان بفاعليات يوم تتحدث فيه ومجموعة من زملائها المتخصصين عن تغذية مريض السرطان وكيف يمكن اختيار عناصرها الغذائية المختلفة التى تمد المريض بما يحتاجه من عناصر يحتاجها لمقاومة النشاط السرطانى أو نفتقدها نتيجة للعلاجات التى تتلقاها وفقا لحالته.
تحية واجبة لطبيبة لم تطلب لتفوقها العلمى وتميزها فى أدائها مقابلا ماديا أو مجدا اجتماعيا أو منصبا وظيفيا.. إنما اختارت أن تكون صاحبة رسالة إنسانية.