بعد القمة.. المهم الحفاظ على التوحد

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 4 مارس 2025 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

 كتبت هذه السطور مساء الإثنين الماضى، أى قبل انعقاد القمة العربية الطارئة فى القاهرة بأكثر من 16 ساعة.

ما أنا متأكد منه أن القمة سترفض بصورة قاطعة اقتراح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين من أرضهم فى قطاع غزة، وأنها ستقدم خطة عربية اقترحتها مصر لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلى على القطاع، كما سترفض بوضوح أى ضم إسرائيلى للضفة الغربية، وكذلك سترفض استمرار احتلال إسرائيل لبعض المناطق فى جنوب لبنان واحتلالها أراضى جديدة فى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد فى 8 ديسمبر الماضى.

أنا واثق إلى حد كبير من وجود موقف عربى واضح وحاسم وقاطع من رفض مخطط ترامب ونتنياهو بتهجير الفلسطينيين، لكن ما أنا لست واثقا منه هو إمكانية استمرار هذا التوحد العربى لفترات طويلة قادمة.

أتمنى أن أكون مخطئأ وألا أكون متشائما، ولكن فقط مجرد صرخة تحذير بصوت عال، لعلها تصل إلى كل من يهمهم الأمر من القادة وكبار المسئولين العرب.

نعيش واقعا مأساويا بفعل العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة ولبنان وسوريا واليمن ودعم أمريكى مفتوح وسافر.

 وفى المقابل هناك موقف عربى رافض تقوده مصر برفض هذا العدوان. لعبت مصر دورا مهما حتى هذه اللحظة فى التصدى لمخطط ترامب بتهجير الفلسطينيين.

المفترض أن هناك خطة مصرية سيتم اعتمادها عربيا لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، والمفترض أن يكون هناك أيضا تصور لكيفية إدارة قطاع غزة فى الفترة المقبلة، ومن الذى سيدير، ومن الذى سيحكم، ومن الذى يفترض أن يملك السلاح، وهل هى فصائل المقاومة أم السلطة الفلسطينية، أم يتم وضعه كوديعة لدى قوة عربية أوروبية حتى يتم التوصل إلى تسوية نهائية.

هناك أيضا قضية تمويل إعمار غزة، والمفترض أن الجزء الأكبر منها سيأتى من دول عربية وأوروبية، وهذه الدول سيكون لها رأى فى اليوم التالى لغزة وكيفية إدارتها.

هناك أيضا الرفض الإسرائيلى المستمر لوجود أى سلطة فلسطينية فى القطاع سواء كانت لحماس أو لفتح.

كل ما سبق تحديات ومشاكل نتمنى أن تنجح القمة فى ايجاد إجابات عملية لها، وأن يكون الموقف العربى الموحد قادرا على إقناع إدارة ترامب التى ستقوم بدورها باقناع إسرائيل.

الخطر الأكبر أننا وبعد أن ننجح إن شاء الله فى إسقاط اقتراح ترامب، أن ندخل كعرب فى اللعبة التقليدية المكررة منذ عام 1948، أى الانقسامات والتخوين، وتحقيق مصالح الأعداء مجانا.

التعامل العملى والواقعى مع الأزمة قد يحقق لنا العديد من المكاسب، والتخوين واللغة الجوفاء الخالية من أى مضمون ستحقق للإسرئيليين العديد من المكاسب من دون إطلاق رصاصة واحدة.

لا أدعو إطلاقا إلى التراجع أو الخضوع لإسرائيل وأمريكا، بل أن ندرس مواقفنا وأوضاعنا وظروفنا بهدوء ونحدد أهدافنا بدقة وأهمها:

أولا، إسقاط مخطط التهجير، عبر إدخال أكبر قدر من المساعدات لسكان القطاع حتى يتمكنوا من الثبات على أرضهم، لأن المخطط الإسرائيلى صار واضحا وهو أما استنئاف العدوان أو حصار القطاع وشن حرب تجويع شاملة تجبر الكثيرين على الفرار منه.

وثانيا، استخدام كل الأوراق العربية المتاحة لإقناع الإدارة الأمريكية بأن الانصياع لكل رغبات إسرائيل سوف يضر بالمصالح الأمريكية أن لم يكن الآن فغدا.

القمة الطارئة لن تتمكن من تنفيذ حل الدولتين الآن، وواهم من يعتقد ذلك، ولو تمكنت القمة من إسقاط مخطط التهجير ومنع إدارة ترامب من ضم الضفة، فسوف تكون قد حققت انجازا كبيرا.

هذا هو الهدف الجوهرى والمطلوب من الفلسطينيين البرهنة على إعلاء المصالح الوطنية على حساب المصالح الفئوية والفصائلية، وعلى العرب استمرار إسناد الشعب الفلسطينى بخطوات عملية وليست فقط بالبيانات والشجب والإدانة والاستنكار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved