هل يظل متحف بورسعيد في مكانه؟
سيد محمود
آخر تحديث:
الثلاثاء 4 أبريل 2023 - 11:08 م
بتوقيت القاهرة
خلال العام 2012 تعرضت بورسعيد فى ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين لهجمة شرسة استهدفت هدم المبانى التاريخية ذات القيمة المعمارية الفريدة والمسجلة ضمن قوائم الجهاز القومى للتنسيق الحضارى وقد استجبت مع نخبة من الأصدقاء لنداء من أبناء المدينة الباسلة لإجراء تحقيقات صحفية وتلفزيونية بهدف تنبيه الرأى العام لخطورة ما كان يجرى آنذاك وتم ذلك بالتنسيق مع جماعة الحفاظ على تراث بورسعيد التي وفر أفرادها العديد من المصادر التى ساعدت فى عمليات التوثيق.
وقامت الزميلة العزيزة مها شهبة وقتها بتوثيق بعض عمليات الهدم تلفزيونيا وبث برنامج «العاشرة مساء» مشاهد من تلك الجرائم مع تعليق من الإعلامى الراحل وائل الإبراشى، كما خصص الاعلامى الكبير محمود سعد حلقة كاملة لتناول ما تتعرض له بورسعيد من عمليات تغير فى هويتها المعمارية.
وللأسف تتعرض المدينة هذه الأيام لغزوة أخرى بدعوى التطوير كشفت عنها بعض الصور المتداولة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وفى الوقت الحالى يسعى بعض أهالى بورسعيد للتواصل مع بعض الهيئات ووسائل الإعلام للتحقق من المصير الذى ينتظر بعض المعالم الرئيسية فى المدينة.
ويخشى البورسعيدية من امتداد أفكار التطوير بحيث يتم التضحية بأرض المتحف القومى هناك بما كان يمثله من قيمة رمزية لمدينة أدت دورا بطوليا فى حماية مصر من هجمات الأعداء فى مراحل تاريخية مختلفة.
وتزداد المخاوف على مصير المتحف فى ظل صمت الكثير من الهيئات التى ترفض الإفصاح عن خطط التطوير ويأمل أهالى المدينة فى تدخل حاسم من رئيس الوزراء وإصدار قرار يقضى بالحفاظ على أرض المتحف الذى كان يضم نحو تسعة آلاف قطعة أثرية تنتمى لعصور مختلفة.
ويتم يوميا تدوير العديد من الشائعات والأخبار غير المؤكدة حول مصير أرض المتحف ويتحدث البعض عن خطة لبناء أبراج سكنية عليها بعد أن تم وضع لافتات إعلانية تؤذن بقرب العمل على بناء هذا المشروع السياحى الفاخر دون تحديد المساحة الكلية للمشروع أو تقديم إجابة عن مصير أرض المتحف وهى قصة تذكر تماما بالقصة التى عرضها مسلسل (أنا وإنت وبابا فى المشمش) قبل ما يزيد على 30 عاما.
وعلى الرغم من هذه التطورات المقلقة إلا أن ثقة الأهالى لا تزال كبيرة فى هيئة قناة السويس المالكة للأرض والتى تعى أكثر من غيرها القيمة الرمزية التى يمثلها المتحف الذى كان يمثل نقطة جذب للسائحين ويعود تاريخه إلى العام 1963 عندما صدر قرار رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر رقم 125 لسنة 1963 بشأن تعديل حدود مرفق قناة السويس، وضم منطقة أرض المتحف ببورسعيد المطلة على مدخل المجرى الملاحى لقناة السويس إلى أملاك المحافظة، وأعقب ذلك صدور قرار المجلس الشعبى المحلى للمحافظة بتخصيص الأرض لوزارة الآثار بغرض محدد، هو إقامة متحف قومى وقد اكتمل بناء المتحف وافتتح رسميا فى العيد القومى لبورسعيد فى 23 ديسمبر من العام 1986 وفى العام 2009 خصص قطاع المشروعات بوزارة الثقافة 75 مليون جنيه، لتطوير المتحف، وبعد الانتهاء من إعداد الدراسة الهندسية، قالت الشركة المنفذة إنها اكتشفت عدم جدوى الترميم، فكان القرار بالإزالة حتى سطح الأرض وإعادة بناء المتحف مرة أخرى مع تخصيص 95 مليون جنيه لذلك، وتم اعداد التصميمات اللازمة من خلال مكتب المهندس الدكتور الغزالى كسيبة، الاستشارى المعروف الذى صمم مبنى متحف الحضارة.
وبالفعل هُدم متحف بورسعيد فى العام 2010 لإعادة بنائه وفق التصميم المقترح، وعقب ثورة 2011 توقف المشروع وتحول المكان إلى أرض جرداء، ومنذ ذلك الحين ينتظر أهالى بورسعيد إعادة بناء المتحف وخلال الأيام الأخيرة تمت مناقشة الموضوع فى دوائر كثيرة منها البرلمان المصرى ولا تزال الحقيقة غائبة.
وتعمل مجموعة من الناشطين فى حماية التراث المعمارى للمدينة حاليا على إعداد فيلم وثائقى حول المتحف بغرض تأكيد أهميته والحفاظ على الأرض ويتواصل أفرادها مع برلمانيين وخبراء معماريين وآثاريين للبحث عن أفضل الطرق لإقناع الهيئات الرسمية بإعادة بناء المتحف وفقا للتصميم الأخير وترفع هذه المجموعة شعارا دالا فى مضمونه وهو «لتبقى أرض المتحف للمتحف».