محاكم تحت الطلب

آخر تحديث: الثلاثاء 4 يونيو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

تريد السلطة أن تضع القضاء فى خدمتها، أن يستجيب لرغباتها ويعزز سياساتها. الرغبة فى الاستحواذ هو الشىء الأهم الذى تعلمته السلطة الحالية من النظام السابق. لذلك تجدها تستعجب أى عجب من رفض بعض الأطراف داخل مؤسسة القضاء الانضواء تحت لواء السلطة مثلما كانت فى عهد مبارك. يعتقدون أن من حقهم الاستمتاع بأى استثناء كان لدى مبارك.

 

وتريد المعارضة ذات الشىء من القضاء، تتمنى أن تخوض المحاكم المعارك التى فشلت فيها قوى المعارضة سياسيا، تقف مترقبة حكم هذه المحكمة أو تلك، وكما يرفع جمهور السلطة لافتات الإدانة والهجوم على القضاء حين لا يكون الحكم على هواهم، تتعامل المعارضة مع أحكام القضاء بذات المفهوم، تنتظر من القضاء أن يجلب لها ما عجزت عن حصوله فى الشارع أو عبر صناديق الاقتراع، وحين يأتى حكم فى صفها تنطلق متحدثة عن نزاهة القضاء وحصنه وملاذه، وحين لا يحقق الحكم طموحاتها، قد لا تتوسع فى الهجوم على القضاء وإن لمحت لتعرضه لضغوط أو إذعانه لأوامر.

 

مررت السلطة الدستور الجديد بوسائل هى عين «البلطجة السياسية». إعلان دستورى غير شرعى سعى لتحصين قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وكسب الوقت، وبالتوازى معه حصار للمحكمة الدستورية لمنعها من مزاولة مهامها كما صار واضحا من خطط لذلك ومول. من فضلك راجع حديث محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى للرئيس ليسرى فودة قبل أيام.

 

لكن البلطجة السياسية وحدها لم تفعل ذلك بقدر فشل السلطة فى الحفاظ على وحدة صف قوى الثورة بمشروع وطنى حقيقى، وعجز المعارضة عن التوحد على الهدف والآلية لبلوغها واستغلال الزخم الشعبى الذى حدث عقب الإعلان الصادم، وترددها قبل الاستفتاء على الدستور ما بين المشاركة والمقاطعة وحسمها القرار فى الوقت الضائع. وبالتالى فشلها فى الحشد للتصويت برفض الدستور رغم أن الفرص كانت مهيأة والغضب من الرئيس وقراراته كان فى أوجه. مع الأخذ فى الاعتبار ما تم رصده من تجاوزات إجرائية وتنظيمية خلال الاستفتاء على الدستور.

 

عجزت المعارضة عن استثمار الغضب لإسقاط مشروع الدستور بتحريك الشارع، كما عجزت عن تنظيم هذا الغضب لإسقاط هذا الدستور فى صناديق الاستفتاء، وتعلقت آمالها على المحكمة الدستورية، وانتظرت منها أن تجلب لها ما فشلت فى تحقيقه حتى الآن.

 

وعندما صدر حكم المحكمة دون أن يحقق المرجو منه خرجت بعض أطراف المعارضة لتلمح أن المحكمة آثرت السلامة وخافت من حصار جديد لمقرها خاصة مع توافد الإسلاميين أمامها وتهديد رموز لهم لقضاتها.

 

لا يريد أحد أن يعترف أن المحكمة الدستورية فى كل ما عرض عليها منذ انتخاب محمد مرسى نظرت فيما بين يديها من نصوص، لكن كل طرف يريد من المحكمة ما يريد، وإذا لم يتحقق فهناك شبهات سياسية وصفقات سرية وانحيازات وأهواء وفساد وما إلى ذلك من اتهامات مرسلة.

 

كلهم فى السعى لاستغلال القضاء سواء، وتحويل المحاكم إلى أداة للصراع السياسى، سواء للاستحواذ والسيطرة لمواصلة قمع المعارضين وتمرير الأجندات الحزبية الخاصة، أو لتعويض الفشل فى الشارع.

 

مطلوب من المحاكم أن تكون فى خدمة السياسة.. لا فرق فى ذلك بين السلطة والمعارضة.. والحقيقة أن كلهم فاشلون والقضاء هو الذى يدفع الثمن.