ما بعد افتتاح القناة
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
ثمانٍ وأربعون ساعة الوقت المتبقى على حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، الاستعدادات تجرى على قدم وساق سواء فى الإسماعيلية التى أخذت زينتها على شط القنال، أو فى المحافظات التى تشارك مصر فرحتها بإضافة مجرى ملاحى جديد يمثل رمزا لقدرة المصريين على الإنجاز فى أصعب الظروف، ويقدم نموذجا يمكن أن نبنى عليه فى العديد من جوانب حياتنا التى تراجعت على صعد عدة منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، حتى افتقدنا الثقة فى قدرتنا على العطاء، والعمل المنظم الذى يمكن أن يثمر واقعا أفضل.
اليوم يوم للفرح والسرور بالإنجاز الذى تم فى وقت قياسى، والاحتفال مطلوب لرفع المعنويات، واستنهاض الهمم، غير أن الأمر لا يجب أن ينسينا ما بعد افتتاح القناة الجديدة، وما إذا كنا سنواصل العمل على نفس الدرب من تخطيط وتنفيذ ومتابعة لمشروعات قومية كبرى، أو حتى مشروعات صغرى، يمكن لها أن تسهم فى الحد من المشكلات والأزمات التى نعانيها، فالتخطيط والعمل فى اليوم التالى لـ6 أغسطس سيكون كاشفا، وسيظهر ما إذا كنا جادين لتغيير مسار حياتنا إلى آفاق جديدة.
فى اليوم التالى لافتتاح القناة، هل لنا أن نفتح الملفات التى تضخمت أوراقها عبر السنوات، وتسبب إهمالها فى الكوارث وتكدير حياة الناس؟ هل نتوقع إجراء عملية جراحية لنظامنا التعليمى بما يمحو أمية وجهل ملايين الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا من غير المؤهلين للعمل فى تخصصاتهم إن وجدوا وظائف؟ وهل ستكون لدينا الجرأة على نسف هذا النظام الذى يلقى بالأجيال على قارعة الطريق من دون إعداد حقيقى لمواجهة التطورات التى تحدث فى العالم، وبما يمكننا من اللحاق بدول صغرى فى المساحة والإمكانيات وقد تخطتنا فى العلم والمعرفة؟!
هل سنشمر عن سواعدنا لإزالة ملايين الأطنان من القمامة والمخلفات التى تسد علينا الطرقات، وتفوح منها الروائح الكريهة فى غالبية الشوارع والحارات بالمحافظات المختلفة؟ هل سنتخلص من بقايا الشركات الأجنبية التى تولت سرقة قروشنا القليلة، وباعت لنا وهم النظافة، قبل أن تقضى على الزبال التقليدى، وتحوله إلى نباش لأرتال القمامة ينتقى منها ما ينفعه، ويترك ما لا يراه مفيدا؟!
عقب افتتاح القناة، هل نركز على إعادة الانضباط المرورى إلى شوارعنا؟ وهل ستخرج إلى حيز التنفيذ خطط القضاء على الزحام والحوادث، التى نسمع عنها من المسئولين بين الحين والآخر؟ أم سنظل نتعرض للموت على الطرقات، ونعانى الفوضى فى الميادين وتقاطعات الشوارع على نحو ما نراه يوميا؟!
التسيب والإهمال، والتغاضى عن تنفيذ القانون على الجميع، وبلا استثناءات، هل يمكن أن يتحول إلى أسلوب حياة؟ أم ستظل الرشوة والمحسوبية والوساطة مفاتيح التعامل مع الإدارات الحكومية، فى غياب الدور الفاعل للأجهزة الرقابية التى تشتكى قلة الحيلة، ووضع تقاريرها فى غالبية الأوقات فى الأدراج والاضابير العتيقة؟!
نريد أن يكون 6 أغسطس حدا فاصلا فى حياتنا، وأن يتحول الإنجاز الذى تحقق على شط القناة إلى رافعة لانتشالنا من مستنقع الفساد الذى وحلنا فيه منذ سنوات طويلة.. أمامنا فرصة معنوية لفتح صفحة جديدة مع المستقبل، بلا إفراط فى التفاؤل، للوصول إلى بر آمن وسط الأمواج العاتية التى تحيط بنا من كل جانب.. هل نستغل الفرصة أم تفلت كما أفلتت فرص قبلها؟.