يا عزيزى كلنا لصوص
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 4 أغسطس 2023 - 8:10 م
بتوقيت القاهرة
لم يقم أحد من المتابعين لإحسان عبدالقدوس بكتابة أى مراجعة له فى مسألة موقفه الحاد من الإعجاب بثورة يوليو ثم الانقلاب على هذه الثورة بشكل حاد جدا، فقد كان إحسان صديقا لجمال عبدالناصر منذ أيام حرب فلسطين وهو الذى ادعى أن هزيمة الجيش فى هذه الحرب كانت بسبب بما يسمى بالأسلحة الفاسدة، وكان إحسان أيضا هو أول مؤلف أسند إليه فيلم لمناصرة الثورة، فكان «الله معنا» سببا فى نقل رؤية الكاتب على الشاشة، وفيما بعد كتب روايات تحولت إلى أفلام مثل فى بيتنا رجل، ولعل إحسان عبدالقدوس أحد الذين نكزهم عبدالناصر باعتقال مؤقت فى عام 1954، وقد كان إحسان سببا فى الكتابة عن الهزيمة بمنظوره الخاص فى قصة قصيرة باسم الرصاصة لا تزال فى جيبى تحولت إلى فيلم عن نصر أكتوبر فيما بعد، وقد غير إحسان من رؤيته تماما للثورة فصار ناقدا لها ولسلوك أفرادها وبدا ذلك واضحا فى قصة قصيرة بعنوان «محاولة لعلاج جرحى الثورة» والتى أكد فيها أن الضباط يستلمون الجواهر ومصوغات أثرياء الملكية دون أن نعرف أين ذهبت بالضبط، وفى رواية «يا عزيزى كلنا لصوص» حكى المؤلف أن هؤلاء المسئولين قد احتفظوا بالكثير من المجوهرات لأنفسهم وتوارثوها عبر الأجيال مثل عبدالسلام الذى أهدى لابنه بروج ثمينا جدا يخص الأميرة خديجة، وفى بداية الفيلم الذى أخرجه أحمد يحيى حكى الأب لأبنه أنه كيف احتفظ بهذا البروج لنفسه وأن الأبن قام بإعطاء هذه القطعة الثمينة لزوجته التى تنحدر إلى إحدى الأسر التركية وقد قامت هذه الزوجة بمعايرة زوجها بهنسى بأنه حرامى هو وعائلته لأنهم سرقوا مجوهرات أسرة محمد على، ما يعنى أن مصير هذه المجوهرات ذهب إلى هؤلاء الذين حكموا بعد الثورة، وقد عبر عن رأيه مرة ثانية إحسان بأن المجوهرات هدف رئيسى من الذين صادروا أموال الأسرة العلوية، وقد اتجه الفيلم بعد هذه المشاحنات العائلية إلى منحى آخر فقد تمت مصادرة جميع ممتلكات الأب، الضابط الكبير والذى يمتلك الكثير جدا من الأراضى والأموال، لدرجة أن بهنسى يلجأ إلى منطقة نزلة السمان الريفية ولم يعد يتملك ثمن السجائر، وصار يبتز حارس الأرض، وفى هذه الفترة كان بهنسى يتعامل بعجرفة شديدة مع كل الفلاحين حتى بدأ يتغير وراح يدبر الخطط لسرقة الوثائق النادرة من مرتضى أحد اللصوص الذين استفادوا كثيرا من الضابط الكبير الراحل ورفض أن يقوم بمساعدة ابنه بالعثور على عمل رغم كل ما لديه من وثائق من هذا الضابط الراحل، يتعرف بهنسى على مجموعة من اللصوص الذين جاءوا لسرقة فيلته وزعيمهم محروس الذى استخدمه بهنسى لسرقة جميع الوثائق التى تثبت أنه كون ثروته من السرقات والخروج على القانون، وتقوم مباراة بين الرجلين مرتضى وبهنسى بعد اكتشاف البروج الثمين الذى تمت مصادرته من مقتنيات الأميرة خديجة.. كل طرف يود الحصول على البروج من خلال الحيل الماكرة، وحين يذهب بهنسى إلى إيطاليا ليبيع البروج تدخل عليه عصابة من القتلة ويأخذون البروج ويكتشف بهنسى أن الأمر كله مدبر من مرتضى هذه حكاية لواحد من الأشخاص الذين قاموا بمصادرة أموال الأميرات والأمراء، وحسب الفيلم فإن هذا الشخص هو لص وحرامى لم يسرق المال والمجوهرات والأطيان والأراضى الزراعية، عنوان الفيلم يشير إلى أننا جميعنا لصوص سرقنا الأغنياء ولم نكن نحن نمتلك هذه النقود، وقد كان موقف إحسان عبدالقدوس واضحا للغاية لما آلت إليه ثروات أسرة فيما يسمى بالمصادرة ويفعل هذا الأمر مرتين فى قصص أخذت إلى السينما منها «ياعزيزى كلنا لصوص».