موسم ذبح الإخوان
محمد عصمت
آخر تحديث:
السبت 4 سبتمبر 2010 - 11:01 ص
بتوقيت القاهرة
كل مواقف الحكومة والكتاب المحسوبين على الحكومة فى ملف الإخوان المسلمين تجعلك أمام اختيارين لا ثالث لهما.. فإما أن تكون متهما بالتعاطف معهم أو الانضمام إليهم.. أو أن عليك إثبات حسن نيتك بالمشاركة ــ بيدك وبلسانك وقلبك ــ فى ذبحهم وشرب دمائهم ثم إبادتهم عن بكرة أبيهم، لإبعادهم عن منافسة الحزب الوطنى فى الانتخابات القادمة.. رغم أن عمليات التزوير ستتكفل بتحقيق النتائج التى تريدها الحكومة وحزبها!
فى نظر الحكومة ومحسوبيها ليس هناك بديل ثالث.. ولا يوجد أمل فى ترشيد أخطاء الجماعة.. ولا داعٍ لمناقشة برنامجهم الانتخابى الذى وافقوا فيه على المشاركة فى دولة مدنية.. ولا أهمية لمناقشتهم فى مواقفهم من المسيحيين واعتبارهم مواطنين ــ لا أهل ذمة ــ لهم كل حقوق وعليهم كل واجبات المسلمين وأن يمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية فى وطنهم.. الحكومة لا ترى أن «ترشيد» الإخوان أمر مهم.. ولا ترى ضرورة لأن نتحول إلى النموذج التركى، حيث يمكن أن يحكم فصيل إسلامى البلد دون استبعاد القوى المناوئة له.. الحكومة تفضل النموذج الكورى الشمالى لاعتبارات عائلية واضحة..!
وفى تصورى أن هذه الحكومة التى كانت تتحجج أمام الغرب بعدم تطبيق الديمقراطية لأن القوى الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها الإخوان، تتحين الفرصة للانقضاض على السلطة وإلغاء معاهدة كامب ديفيد وقطع العلاقات مع إسرائيل.. لم تعد تستطيع الاستمرار فى بيع هذه الكذبة للغرب، بعد أن شارك الإخوان فى انتخابات برلمانية مزيفة، وقبلوا قواعد اللعبة الديمقراطية على الطريقة الغربية، وحصلوا على نحو ربع مقاعد البرلمان، كما تردد أنهم أجروا اتصالات دافئة مع قوى أمريكية أبدوا فيها مرونة تجاه المصالح الغربية فى مصر، خاصة إن إيمان الإخوان باقتصاد السوق المفتوحة يجد تقديرا كبيرا فى الغرب..!
أنا شخصيا لست من الواقعين فى غرام الجماعة، وأرى انه أصبح تنظيما مترهلا يخلط ــ بدون أى ضمير ــ ما بين الدينى المقدس وما بين السياسى المتغير، كما تنتابنى شكوك كثيرة حول تطبيقه للديمقراطية بين اعضائه بل أكاد أجزم أن هناك مجموعة صغيرة تمتلك السلطة والثروة داخله وتسيطر بقبضة حديدية على سياساته وتوجهاته.. ولكنى لا استطيع ابدا ابتلاع وصفة الحكومة التى ترفض محاولات ترشيد الإخوان ودمجهم فى التجربة الحزبية.. فاللعبة التى يجرى تمريرها الآن تتطلب اختفاء الإخوان من البرلمان، وتصويرهم على أن وجههم الديمقراطى الوديع يخفى الوجه الحقيقى لهم الذى ينتهز الفرصة للانقضاض على التجربة الديمقراطية.. وعلينا ان نحتار بين جنة الحكومة وبين نار الإخوان.. أو أن نضرب رؤسنا فى الحيطة!