الاختبار الحقيقى للاتفاق مع الإمارات هو بعد خروج الأمريكيين
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 4 سبتمبر 2020 - 11:00 م
بتوقيت القاهرة
كما فى الأفلام التى تُبث للقاء زعماء من دون صوت، حيث تُسمع فقط أصوات فلاشات الكاميرات، وأحيانا فى الخلفية موسيقى دراماتيكية تحل محل الأقوال، هكذا أيضا كان الحال فى رحلة الوفد الرسمى الإسرائيلى إلى دولة الإمارات، الصورة بحد ذاتها هى الرسالة.
الصورة الأقوى من كل شيء طبعا هى وصول طائرة إلعال الرسمية الأولى إلى مطار أبوظبى يوم الإثنين الماضى، والتى هدفت إلى تقديم تعبير رمزى وملموس لتحقيق اتفاقات التطبيع مع إسرائيل.
منذ لحظات الإقلاع وحتى العودة لوحظ انفعال حقيقى لدى المشاركين، ومحاولة من جانب الجميع ــ أمريكيين، إسرائيليين، وإماراتيين ــ لخلق جو احتفالى وتفاؤلى بقدر الإمكان. لكن أشرطة تسجيل الصوت المخفية أكثر للمحادثات والمناسبات دلّت على توتر رافق هذا الحدث المعقد. الإجراءات الأمنية حول الضيوف الإسرائيليين كانت مكثفة، وطُلب من المشاركين عدم الابتعاد عن الفندق (أيضا بسبب إجراءات كورونا)، ورافق الصحفيين الإسرائيليين ممثلون أمريكيون وإماراتيون.
أيضا من الناحية الدبلوماسية، لم يكن هذا سهلا على الإماراتيين فى هذا الوقت أمام سائر العالم العربى. فى ظل هذا كله، الرغبة فى ضمان ضيافة مهذبة وآمنة كانت ممزوجة بالرغبة فى السيطرة بقدر الإمكان على الرسالة ومنع وقوع أخطاء محرجة قد تغطّى عليها.
فور الوصول يوم الإثنين الماضى، جرى حفل استقبال قصير ألقى فيه رئيس مجلس الأمن القومى مئير بن شبات خطابا باللغة العربية، غادر بعده الوفد الكبير إلى الفندق الذى جرت فيه نقاشات طواقم عمل صغيرة بشأن اتفاقات التعاون المقبل. فى رواق طويل وُضعت لافتة بالقرب من كل غرفة كُتب عليها الموضوع الذى يناقَش فيها: دبلوماسية، مالية، طيران وتأشيرات دخول، صحة، ثقافة، سياحة، فضاء وعلوم واستثمارات، اختراعات وتجارة.
مشاركون فى النقاشات، ممثلون لجهات فى الحكومة ذات صلة، قالوا لـ«هاآرتس» إن المحادثات كانت مثمرة وجرت فى أجواء جيدة، لكن لم يجر التوصل إلى صوغ التفاهمات، وما جرى كان لقاءً غير ناضج. لكن هناك أمورا واضحة منذ الآن: فى مجال السياحة يبدو أن الزيارات المتبادلة تتطلب تأشيرات.
بالإضافة إلى ذلك، أجرى رئيس مجلس الأمن القومى بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية لقاءً مع مستشار الأمن القومى لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ طحنون بن زايد، ووزير الخارجية عبدالله بن زايد، والمستشار الخاص للرئيس الأمريكى جاريد كوشنير، ومستشار الأمن القومى للولايات المتحدة روبرت أوبراين، ومسئولين أمريكيين كبار آخرين فى قصر طحنون.
المقابلة الوحيدة مع مسئول محلى كبير سُمح لنا بها خلال الزيارة جرت فى المطار، قبل وقت قليل من الإقلاع. وتضمنت، فى أغلبيتها، الرسائل التى تكررت أكثر من مرة فى الأحاديث الخاصة الأكثر حرية: الخطوة المهمة للإماراتيين، لأنه فى نظرهم، حان الوقت لتغيير إقليمى ــ وهم يريدون قيادته.
وردا على سؤال هل عملية التطبيع ستوقف الضم الإسرائيلي؟ أجاب المسئول الكبير: «لا»، لكنه تابع قائلا: حصلنا على تعهدات من الولايات المتحدة - وأيضا من إسرائيل ـ بأن الضم لن يجرى الدفع به قدما. فورا بعد ذلك، وصل توضيح أن الرد الأول لا يعكس الموقف الرسمى.
باستثناء الأسئلة عن موضوع الضم ودعوة كوشنير إلى استئناف المفاوضات، الحاضرون الغائبون كانوا كالعادة الفلسطينيين. فى خطاب موجّه إلى الجالية الفلسطينية المحلية التى يقدَّر عددها بعشرات الآلاف، أُلقى فى موازاة زيارة الوفد الإسرائيلى، وعدهم وزير الخارجية عبدالله بن زايد بأن بلده ستواصل دعمها للفلسطينيين.
الإماراتيون يتابعون عن كثب ردات الفعل على الخطوة فى العالم العربى. يراقبون النشاطات فى الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعى، ويعتقدون أن المعارضة الشعبية تأتى فى الأساس من إيران وقطر والكويت. هم مشغولون جدا بكيفية استقبال الرأى العام العربى للخطوة، ومقتنعون بأن الشباب والمثقفين يؤيدونهم. لا أحد يوهم نفسه بأن صورة النصر التى رسمتها الرحلة ليست معقدة أكثر من مشاهد رحلة الطائرة والاستقبال، لكن الإماراتيين يعربون عن إصرارهم على المضى قدما. ويدّعون أن الفلسطينيين أيضا يمكنهم أن يربحوا من منطقة مستقرة وأكثر ازدهارا.
مشهد التطبيع هذا يذكّر كثيرا بالمؤتمر الذى عُقد فى البحرين فى السنة الماضية. أيضا حينها استقبل البحرينيون الإسرائيليين بحرارة، بضغط ووساطة أمريكية. لكنهم لم يتحمسوا كثيرا لمواصلة العلاقات المعلنة عندما خرج الأمريكيون من الغرفة ــ هل الاستقبال الحار سيتحول إلى أمر روتيني؟ كبار المسئولين الإماراتيين مقتنعون بذلك. هم أيضا يقولون إن ما يجرى هو عملية «تدريجية»، ويريدون الدفع بها قدما بأسرع ما يمكن.