مسرحية نتنياهو ــ بن غفير وسموتريتش المملة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 4 أكتوبر 2024 - 6:25 م بتوقيت القاهرة

يوم الخميس ٢٦ سبتمبر أعلن إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى وزعيم حزب «غوتسمان يهوديت» أو قوة يهودية أن حزبه سوف ينسحب من الائتلاف الحكومى إذا قرر بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة قبول المقترح الأمريكى الأوروبى العربى بوقف إطلاق النار فى لبنان لمدة ثلاثة أسابيع لإعطاء مهلة للتفاوض للوصول إلى اتفاق بوقف الحرب وينفذ القرار ١٧٠١.

قبل هذا التصريح كانت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلى والعالمى قد ألمحت إلى أن نتنياهو يميل إلى قبول المقترح الدولى لوقف إطلاق النار، لكن بعد تصريحات بن غفير أعلن نتنياهو أنه لم يصرح إطلاقا بنيته وقف النار، بل إن العمليات العسكرية ماضية فى طريقها. وبعد ذلك بقليل خرج العديد من المسئولين العسكريين للتسريب والتصريح بأنه تم استدعاء المزيد من قوات الاحتياط، تمهيدا لمناورة برية أى التوغل البرى فى الأراضى اللبنانية من أجل خلق منطقة عازلة بعمق ٣٠ كيلومترا وإبعاد مقاتلى حزب الله إلى ما وراء نهر الليطانى، أى تطبيق قرار ١٧٠١بقوة السلاح.

ونعلم أنه فى اليوم التالى اغتالت إسرائيل حسن نصرالله زعيم حزب الله ومعه عدد من قادة الحزب.

وبعدها شنت المزيد من الغارات على مختلف أنحاء لبنان وبدأت بالفعل توغلاً بريًا فى بعض قرى الجنوب الحدودية.

نعود لحكاية تهديدات بن غفير لنتنياهو لنقول بوضوح إنها مسرحية هزلية يتم تكرارها بملل منقطع النظير منذ يوم ٧ أكتوبر وربما قبل هذا التاريخ، والمؤسف أن هناك من يصدقها فى عالمنا العربى أو حتى فى أوروبا وأمريكا.

من يتابع الطريقة التى تم بها تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو فى ٢٠٢١ من أشد الأحزاب والقوى السياسية والدينية تطرفا سوف يكتشف أن نتنياهو استخدم فزاعة هذا اليمين بصورة ماهرة لتحقيق أهدافه الشخصية والسياسية بمهارة يحسد عليها.

وبالمناسبة فإن قانون الإجراءات القضائية الذى هيمن على الحياة السياسية الإسرائيلية طوال الشهور التى سبقت عملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر من العام الماضى، تم إقراره وتمريره بنفس الطريقة فالمتطرفون خصوصا بن غفير ومعه بتسلئيل سموتريتش وكذلك وزير العدل ياريف ليفين وبقية أركان التطرف اشترطوا على نتنياهو تطبيق هذا القانون وإلا الانسحاب وبالتالى إسقاط حكومته.

السؤال: هل نتنياهو فعلا يخشى انسحاب المتطرفين حتى لا تسقط حكومته، أم أن الأمر مجرد تمثيل؟

ليس صحيحًا أن نتنياهو يخشى انسحاب المتطرفين والزعم أنه مضطر للاستمرار معهم محض مسرحية هزلية تظهره وكأنه حمامة سلام وديعة، وأن الذى يمنعه فقط من السلام هو هذا الائتلاف الذى لا يتمتع إلا بأغلبية ٤ مقاعد فى الكنيست قبل انضمام جدعون ساعر مؤخرًا. هذا الأمر عارٍ تماما عن الصحة نتنياهو هو الرئيس الفعلى والقوى للحكومة، ولو كان يرغب فى السلام والقضية الوحيدة هى انسحاب المتطرفين، فإن غالبية القوى السياسية المعارضة عرضت عليه أكثر من مرة توفير مظلة حماية برلمانية له فى الكنيست إذا انسحب حزبا بن غفير وسموتريتش، خصوصا حزب هناك مستقبل بزعامة يائير لابيد وكذلك حزب وتحالف أزرق أبيض بزعامة بنى جانتس.

لكن نتنياهو رفض كل ذلك، حتى بعد انتقاد الرئيس الأمريكى جو بايدن شخصيا لبن غفير وسموتريتش ومطالبة نتنياهو بأن يتخلص منهما، لكن الأخير استمر فى التحالف معهما باعتبار أن ذلك هو الذى سيحقق المصالح الإسرائيلية العليا، ويعيد نتنياهو باعتباره «ملك إسرائيل» وليس المتهم والمرتشى والمسئول السياسى البارز عن هزيمة ٧ أكتوبر.

 نتنياهو يقول لأمريكا والغرب والعرب أن لدينا ديمقراطية وتوازنا قويا ولا أستطيع أن أتجاهل الرأى العام والانتخابات الحرة التى جاءت بهذا الائتلاف الذى لا يزال صامدًا رغم أن إسرائيل شهدت ٤ حكومات فى آخر ٥ سنوات قبل تشكيل هذه الحكومة.

الغرب يصف اللعبة الإسرائيلية صدقا أو كذبا بالديمقراطية والعرب والفلسطينيون لا يستطيعون أن يلاعبوا الغرب وإسرائيل بنفس اللعبة لأنهم لم يمارسوا أصلا لسنوات طويلة الديمقراطية على الطريقة الإسرائيلية أو على أى طريقة غربية أو شرقية!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved