ماريونيت
غادة عبد العال
آخر تحديث:
الخميس 4 نوفمبر 2010 - 12:22 م
بتوقيت القاهرة
س: ليه الراجل المصرى بيسمى مراته الحكومة؟.. ج: لأنه عارف إنه مايقدرش يغيرها.. قديمة..عارفة والله.. بس مش كل أما بتسمع النكتة دى وتقعد تتمعن فيها كده شوية تحس إن اللى ألفها عبقرى؟ الصفات المميزة للزوجة المصرية والحكومة المصرية فعلا تكاد تكون متطابقة، خد عندك مثلا، غير إنك ما تقدرش تغيرها فإنت ما تقدرش تعترض على كلامها بصوت عالى ولا تعارضها قدام الناس (من وراها جايز، لكن قدام الناس ما أعتقدش)، اللى فى دماغها هو اللى هيمشى (حتى لو سكتت شوية وسمعتك فغالبا بتسمعك بطريقة ودن من طين وودن من طين برضه)، ماعندهاش أى استعداد للاعتراف بالخطأ وعندها قدرة مدهشة إنها تقنعك إن أى كارثة هى اللى اتسببتلك فيها مسئوليتك إنت وإنت اللى تستاهل لأنك مهمل
وبالتالى كان لازم تدفع التمن، لو مالكش زوجة لأسباب تتعلق بأنك لسه صغير أو كنتيجة من نتائج السياسة الاقتصادية الرشيدة للبلاد اسأل حد كبير وهو هيقولك، بلاش.. لو كلنا فكرنا فى أيام طفولتنا البائسة هنفتكر جملة أمهاتنا الأثيرة «ما أسمعش صوتك»، وهى بالصدفة البحتة نفس الجملة المفضلة لحكومتنا الغالية.
عندما قرأت تصريح وزير التعليم العالى، الذى سيكتبه التاريخ بحروف من ذهب صينى «هأقطع لسان كل من يروج لشعارات سياسية فى الجامعة»، كنت لسه راجعة من زيارة سريعة لجامعة «تكساس» وكان لسه فى ذهنى أكتر من صورة شفتها هناك.. لافتة معلقة على أحد الحوائط فى فناء الجامعة تحمل عبارة «كن ديمقراطيا تكن أمريكيا»، بجوارها لافتة أخرى تحمل عبارة «أن تكون جمهوريا يساوى أن تكون وطنيا»، على مقربة منهما لافتة خضراء تحمل عبارة «ماذا تعرف عن الإسلام؟ تعرف إليه عن قرب»، خلفها لوحة أخرى مرسوم عليها صليب كبير تحته عبارة «الرب ما زال يتحدث إلينا، ستمع إليه».
داخل بهو الجامعة لوحة معلق عليها العديد من الإعلانات عن مناقشات واجتماعات، منها ورقة بيضاء تحمل ألوان العلم الفلسطينى وعبارة «فلسطين، صراع لاستعادة وطن»، تعلوها ورقة باللونين الأزرق والأبيض تحمل عبارة «لماذا يجب علينا مساعدة إسرائيل؟» وفى الجانب الأعلى من لوحة الإعلانات ورقتان متجاورتان إحداهما تتحدث باسم «اتحاد الطلبة الليبراليين» والأخرى تدعو لحضور مناقشة ترعاها «مجموعة الطلبة المحافظين».
خارج البهو يوجد العديد من الطاولات يقف خلفها طلاب من كل الاتجاهات بيجمعوا التوقيعات، ويدعون زملاءهم للمشاركة فى اجتماعات ومسيرات ومناقشات ومناظرات.. مع اليمين، مع اليسار، مع دعم الجنود المشاركين فى الحرب على أفغانستان، مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق، مع حوار الأديان، مع عودة القيم المسيحية للسيطرة على البلاد، ضد إباحة الإجهاض، مع التسامح ودعم الأقليات، مع أوباما، ضد أوباما.. كل الاتجاهات وكل التيارات والكل بيمارس حقه فى التصريح بآرائه ومعتقداته فى هدوء ونظام واحترام متبادل من غير حرس جامعة يدى الطلبة بالشلوت ولا خراطيم ماية فوق عربات قوات مكافحة الشغب ولا تهديدات بقطع الألسن والرقاب.
هناك بيشجعوا الشاب يكون له رأيه المستقل، وهنا بيحثوه قبل ما ييجى الجامعة أو الشغل أو النادى أو الجامع يسيبهم فى الكومودينو اللى جنب السرير، هناك بيحتفوا بالاختلاف وبيشجعوه، وهنا عايزين كل واحد يمشى ورا بقية خراف القطيع، هناك بيعتبروا طالب الجامعة شخص بالغ له مكان وتأثير فى المجتمع، وهنا بيصفوه كما جاء على لسان سيادة الوزير بالعروسة الماريونت وعشان كده المجتمع كله لازم يحميه من نفسه ومن كل إيد ممكن تشد خيوطه وتحركها لتحقيق أغراضها الدنيئة اللى هى أكيد دنيئة لأنها تتعارض مع سياسات حكومتنا الغالية.
ونرجع نسأل السؤال الأبدى، البيضة وإلا الفرخة؟ هل الشباب عرايس ماريونيت فمن حق المسئولين أن يخافوا من إعطائهم حق حرية التعبير؟ وإلا عشان مافيش حرية تعبير فالنتيجة كانت إن كلنا تحولنا لعرايس ماريونيت؟ هناك قاعدة نفسية شهيرة ملخصها أنك إذا تعمدت مخاطبة شخص بالغ على إنه طفل لمدة طويلة فلن تجد منه فى المستقبل سوى ردود أفعال الأطفال فلا تنتظر منه أبدا أن يتحمل أى مسئولية ولا تتوقع أنه يمكنك يوما الاعتماد عليه، فما بالك بأجيال متعاقبة يعاملون على أنهم أطفال أو خراف.. أو عرائس ماريونيت؟!