عزل ترامب.. مفاجآت على الطريق!
محمد عصمت
آخر تحديث:
الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 11:20 م
بتوقيت القاهرة
قد يستطيع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الإفلات من مصيدة عزله من منصبه التى بدأ مجلس النواب الأمريكى ــ بأغلبيته الديمقراطية ــ إجراءاتها العلنية يوم الخميس الماضى، لكنه من المرجح أنه سوف يخسر منصبه فى انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها العام المقبل.
فالتهمة التى يواجه ترامب بسببها خطر العزل كانت تفرض عليه ــ بالمقاييس التقليدية للديمقراطية الأمريكية ــ أن يقدم استقالته بمجرد أن نشرت الصحف الأمريكية شهادة مسربة من «شخص مجهول» تفيد بأن ترامب طالب نظيره الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى بأن يفتح تحقيقا بشأن مزاعم فساد منسوبة لابن السيناتور جو بايدن المنافس الديمقراطى القوى لترامب فى الانتخابات المقبلة، مقابل الخدمات التى تقدمها واشنطن لبلاده، وعلى رأسها صفقات السلاح، لكن ترامب ضرب عرض الحائط بكل هذه التقاليد، بل طالب الرئيس الصينى أيضا بالكشف عن تعاملات بايدن وابنه فى بلاده، وهو ما اعتبره سياسيون وقانونيون أمريكيون بأنه انقلاب متكامل الأركان على النظام الانتخابى الأمريكى، ودعوة لتدخل دول أجنبية لمساعدته فى حملته الرئاسية، بما يهدد من سمعة النظام السياسى فى أمريكا بل ويعرض أمنها القومى نفسه للخطر، بحسب ما قاله رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب.
رجل بعقلية ترامب قد لا ينظر لمثل هذه التصرفات المشينة التى قام بها بأى منطلقات أخلاقية، هى فى نظره ــ كرجل سوق ــ أسلحة يستغلها لضرب خصمه فى شرفه، والفوز بصفقة الرئاسة المقبلة، لكنها فى نظر المؤسسات الأمريكية تهم خطيرة تجعله غير مؤهل لقيادة بلد يدعى أنه زعيم العالم الحر، ويدافع عن الديمقراطية فى كل بلاد العالم!
المنافسة الحزبية بين الديمقراطيين والجمهوريين الذين ينتمى ترامب لهم قد تحميه من السقوط، فمجلس الشيوخ بأغلبيته الجمهورية لن توافق على عزله، بفرض موافقة مجلس النواب على ازاحته من منصبه، لكن الدفاع عنه فى الانتخابات المقبلة لضمان فوزه بها له حسابات أخرى تضع الجمهوريين فى مأزق حاد، فلو تخلوا عن ترشيح ترامب سيكون ذلك اعترافا منهم بدعمهم لرئيس مذنب وسيخسر الحزب خسائر سياسية فادحة، وإذا رشحوه فهم مطالبون بمعجزة تمكنهم من التوفيق بين حماقات وسوقية ترامب والتقاليد الديمقراطية الأمريكية أمام ملايين الناخبين!
اختفاء ترامب سواء بعزله أو بسقوطه فى الانتخابات المقبلة، وانتخاب رئيس ديمقراطى، سيعيد بلا شك تشكيل خريطة الصراع فى الكثير من مناطق العالم، ففى الشرق الأوسط على سبيل المثال ستخف حدة التوتر بين أمريكا وإيران، وقد تتفاقم الخلافات بين واشنطن والعديد من الدول العربية التى تربطها علاقات قوية مع ادارة ترامب، وستتغير بالتأكيد تحالفات وستتوقف حروب ونزاعات مذهبية، وقد نشهد مفاجآت كبيرة فى هذا البلد أو ذاك، تتغير بمقتضاها أوضاع هنا أو هناك!
عالم ما بعد ترامب قد لا يكون أكثر هدوءا وقدرة على حل الصراعات الدولية على البترول أو حتى معالجتها بطرق أكثر حكمة، أو على وقف الحرب التجارية بين الدول الكبرى، وقد لا يعد بتغييرات جذرية فى السياسة الأمريكية فى إدارة شئون العالم، لكنه بالتأكيد سيكون عالما أقل حماقة وانحطاطا!