إنهم يعلنون الحرب على الثورة
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 4 ديسمبر 2011 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
حسب المتاح من معلومات حتى الآن بشأن ما تسمى «حكومة الإنقاذ الوطنى» فإن وزراء المخلوع باقون فى مواقعهم، لا تصل إليهم يد التغيير أبدا.. فايزة أبوالنجا وحسن يونس كما هما، بالإضافة إلى 11 وزيرا من الحكومة التى طالب الناس بتغييرها.
الواضح أن كل ما جرى هو أنهم أزاحوا عصام شرف وعمرو حلمى وزير الصحة وأحمد البرعى وزير القوى العاملة، وثلاثتهم أشيع عنهم يوما أنهم لهم علاقة بميدان التحرير، بصرف النظر عن صحة ذلك من خطئه، ومعهم منصور عيسوى، والمعنى أنهم قرروا قطع علاقتهم بالثورة بشكل كامل، معلنين عن عداء سافر مع «التحرير».
إنها حكومة مبارك والحزب الوطنى إذن وليست حكومة الإنقاذ الوطنى، وعندما يخرج الإعلامى حافظ الميرازى على الهواء مباشرة ليكشف أن الجنزورى أبلغه بقرار إلغاء وزارة الإعلام، ثم تجد أن الوزارة لم تلغ، وأن أسامة هيكل باق فى موقعه، فلا مجال هنا للحديث عن رئيس حكومة له صلاحيات، كاملة أو غير كاملة.
إن بقاء أسامة هيكل وزير الإعلام العسكرى فى مكانه، على الرغم من الكوارث الإعلامية التى شهدتها الفترة القصيرة التى تولى فيها الوزارة يعنى بوضوح أن معيار الاختيار الجديد هو أن يكون الشخص المختار مستفزا ومثيرا لغضب الثوار، ومناقضا لمطالب ميادين التحرير، بما يشير بوضوح إلى أنهم بالفعل يعتبرون أنه كانت هنا ثورة وانتهت أو أجهضت أو أزهقت روحها أو اختطفت.
غير أن تشكيل حكومة «إغراق الثورة» ليس وحده فى قائمة الإجراءات المنتمية إلى عصر مبارك.. فالحاصل أننا فى مواجهة عملية حرق للثورة بشكل كامل، واستعادة ممنهجة لنظام المخلوع.
ولو وضعت كل ذلك بجوار الرعاية الرسمية الكاملة للثورة المضادة، بدءا من اصطناع ميادين معادية لها، تسب وتلعن فى الثورة والثوار فى حماية أجهزة الأمن والإعلام، ويتحول فيها «أبناء مبارك» إلى «أبناء المجلس العسكرى»، بالتوازى مع سيناريو شيطانى يحاول استثمار المشاركة الشعبية الكبيرة فى الانتخابات البرلمانية باعتبارها استفتاء ضد الثورة ومع المجلس العسكرى، ستدرك أنه من الآن وحتى 25 يناير المقبل سيتم تشديد الضربات وتكثيف الهجوم من جميع المحاور للإجهاز بشكل كامل على ما بقى من هذه الثورة.
لكن الشعب الأصيل الذى قدم الدرس الحضارى البليغ فى 25 يناير الماضى، ثم خرج فى موجة ثانية من الثورة بدأت من 19 نوفمبر ولا تزال مستمرة حتى الآن، سيبقى قادرا على الصمود والإبداع فى مواجهة وحشية المتربصين بثورته، وهو ما يفرض على ما تبقى من قوى سياسية حية أن تعيد تنظيم صفوفها وتطوير أدواتها بما يتناسب مع روعة الصامدين فى الميادين وتشبثهم بالحلم بالأفضل.