الأسئلة الصعبة
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الخميس 4 ديسمبر 2014 - 7:50 ص
بتوقيت القاهرة
علينا أن نفكر بجدية فى السمات الكبرى للمجتمع الذى نريد له السلم الأهلى والتقدم وفى هوية الدولة الوطنية التى نريدها عادلة وقوية، وأن نواجه أنفسنا بالأسئلة الصعبة بشأن أوضاعنا الراهنة فى مصر والمعلومات والحقائق المرتبطة بها.
نحن لا نقف جميعا فى خانات متشابهة. فالبعض منا ينظر باستعلاء لتعددية وتنوع المجتمع على المستويات القيمية والاقتصادية والاجتماعية ويفضل إخضاعها إما لقبضة الحكم أو لمصالح النخب والفئات والطبقات صاحبة الثروة والنفوذ أو لتحالف سلطوى بين الحكم والأغنياء والنافذين. والبعض الآخر يحتفى بالتعددية والتنوع ويبحث عن حمايتهما فى سياق تفعيل المساواة ورفض التمييز دستوريا وقانونيا وإجرائيا، وفى سياق ضمان الحياة الكريمة لكل المصريات والمصريين وفقا لسياسات العدالة الاجتماعية.
نحن لا نقف جميعا فى خانات متشابهة. فالبعض منا يعتقد أن المجتمع المصرى لم ينضج بعد أو لا يقدر على الإدارة الحرة لشئون أفراده ولشئونه العامة أو لا يقوى على ممارسة الاختيار الحر بعقلانية ورشادة تضمن «سعادة» الفرد و«استقرار» المجتمع، ويؤسس على هذه الأفكار والانطباعات لتفضيل هيمنة الدولة على شئون الأفراد والشئون العامة باعتبارها الجهة الوحيدة العاقلة والرشيدة ولإعطاء الأولوية لأن يدير أمر الدولة حاكم فرد قوى متحالف مع مؤسسات وأجهزة ومع نخب ومصالح، وتقدم له واجبات السمع والطاعة من قبل الأفراد والمجتمع وتمتنع المعارضة والمساءلة والمحاسبة. والبعض الآخر يؤمن أن حكم الفرد وثنائية الاستبداد / السلطوية المرتبطة به يغيب السلم والتقدم والعدل وأسباب القوة عن الوطن، وأن للمصريات والمصريين الحق فى طلب المشاركة الحرة فى الشئون الخاصة والعامة وأن لديهم من العقلانية والرشادة ما يمكنهم من ذلك.
نحن لا نقف جميعا فى خانات متشابهة. فالبعض منا يدعى أن الدولة الوطنية لكى «تستقر» مؤسساتها وأجهزتها وتمتلك حق الاستخدام المشروع للقوة الجبرية وتدافع عن أمن الأفراد والمجتمع وأمنها هى أيضا تحتاج لفرض طاعتها وطاعة حكامها، وللتعويل على أدواتها التنفيذية والأمنية والإدارية لإخضاع الناس للأهداف التى يحدد الحكام، ولتطوير الأدوات العقابية والقمعية الكافية لمنع خروج الناس على إرادة الحكام واختياراتهم وقراراتهم التى هى عنوان العقلانية وصنو الرشادة ومدخل سعادة الفرد واستقرار المجتمع وتقدم الوطن. والبعض الآخر يدرك أن الدولة الوطنية لا تكتسب أسباب التماسك والتقدم والقوة إلا بالعدل المستند إلى صون حقوق وحريات المواطنات والمواطنين دون تمييز، وبالتزام سيادة القانون التى تحقق المساواة الكاملة وتفعل مساءلة ومحاسبة الحكام المنتخبين وموظفى العموم المعينين وتراقب القطاع الخاص والمجتمع المدنى لكى تضمن عدم الخروج على القواعد والإجراءات، ، وبإقرار الحق فى إلزام الدولة بحماية الاختيار الحر والمبادرة الخاصة والتعبير الحر عن الفكر والرأى والمشاركة فى العمل الخاص وفقا لقواعد وإجراءات عادلة وفى العمل العام دون تمييز أو اضطهاد أو تعقب أو قمع أو تهديد بالقمع. الدولة الوطنية هنا هى دولة المواطنة، دولة كل مواطنة ومواطن، وليست دولة الحكام وحلفائهم. الدولة الوطنية هنا هى ضلع مثلث الوطن الذى له ضلعان آخران هما المواطن والمجتمع.
نحن لا نقف جميعا فى خانات متشابهة، ولذلك يتعين التفكير بجدية فى كافة هذه الأمور وطرح الأسئلة الصعبة وتحديد أين نقف اليوم ووجهة حركة الغد والمستقبل. وليس الفرد، وللمجتمع وليس للجموع أو للقطيع المطيع، وللدولة الوطنية العادلة وليست القمعية أو المهددة دوما بالقمع. فماذا عنكم؟