فرصة أخيرة
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 5 فبراير 2014 - 4:10 ص
بتوقيت القاهرة
هناك إسلاميون يؤمنون بالسلمية لا أشك فى ذلك، ولكن هناك تحالفا يسمى «دعم الشرعية» تشكل من قلب اعتصام «رابعة العدوية»، يُعد الإخوان المسلمون حجر الزاوية فيه، وإلى جوارهم تصطف قوى إسلامية بدءا من حزب الوسط مرورا ببعض التيارات السلفية وانتهاء بالجماعة الإسلامية، وذراعها السياسية «حزب البناء والتنمية». هؤلاء ليسوا «كتلة واحدة» ـ من حيث البرامج والأفكار والاجتهادات ـ ورغم ذلك هم الآن فى «خندق واحد» من حيث الموقف السياسى الرافض لثورة 30 يونيو، وما تلاها من تحول سياسى فى 3 يوليو الماضى. نلمح بالطبع فى الفترة الأخيرة مشاركة «فاترة» من جانب بعض القوى، وانقسامات تضرب التحالف الإسلامى، وتباين فى التصريحات أحيانا. عفوا، كل ذلك لا يكفى.
المشاركون فى هذا التحالف، ومن بينهم أصحاب اتجاهات تؤمن بالعمل السلمى، ينبغى أن تسجل موقفها الآن بوضوح قبل أن يجرفها تيار السياسة الخاطئة، ويحكم التاريخ عليها بأنها كانت جزءا من مظلة سوغت، وبررت، وارتكبت العنف، وقامت بعمليات إرهابية ضد الشعب المصرى، مؤسسات وأفراد. لا يكفى أن نسمع من البعض رفضا للعنف أو شجبا للأعمال الإرهابية، لكن المطلوب الآن أن يحدد كل فصيل إسلامى ـ على حدة ـ موقعه. البعض يقول إنه ليس طرفا فى الإرهاب، لكنه طرف فى «التحالف» الذى شكل المظلة التى ارتكبت فى ظلها كل أعمال العنف والإرهاب بدءا من استهداف المؤسسات ـــ اقسام شرطة ومحاكم وكنائس ـــ وانتهاء باغتيال اشخاص بعينهم، خاصة فى الجهاز الأمنى، شرطيا أو عسكريا. وقد يكون القادم أسوأ.
البقاء فى هذا التحالف ـ حتى لو كان بالاسم ـ انتحار سياسى. نتذكر أن الرسالة المعلنة لسنوات من جانب قوى إسلامية عديدة هى العمل السلمى، وبلغ الأمر حد أن الدوائر الغربية بدأت تتحدث عن «الليبرالية الإسلامية» أو «الإسلاميين الليبراليين»، الذين يؤمنون بالديمقراطية فى بيئة غير علمانية. اليوم، الكل محشور فى خندق واحد اسمه «الإرهاب».
فى السابق كنا نسمع فى الثمانينيات والتسعينيات أن هناك «إرهابيين»، وهناك «إسلاميين» يؤمنون بالعمل السلمى، اليوم التفرقة باتت «باهتة»، والخشية من اتخاذ موقف واضح بات محيرا. يحتاج الإسلاميون الرافضون لما يجرى أن يعلنوا بوضوح وصراحة موقفهم من الإرهاب والعنف، دون الكلمات المواربة، والعبارات الخجول التى تطالب بتأجيل الإدانة حتى انتهاء التحقيقات، أو تلك التى تنفى صلة الإخوان المسلمين، وتحالف الشرعية بأعمال الإرهاب، أو تذهب فى شططها إلى اتهام أجهزة الدولة بتدبير العمليات الإرهابية.
حديث التسعينيات الموارب لم يعد له مكان الآن. وفى تقديرى أن القوى الإسلامية ــ التى تؤمن بالسلمية والديمقراطية ــ عليها أن تنسحب مما يطلق عليه «تحالف الشرعية»، وتقدم مراجعات جادة عن الفترة الماضية، وتعلن تصوراتها للمشاركة فى الفترة المقبلة. لست مع اقصاء القوى الإسلامية، لأنهم جزء من التكوين السياسى المصرى، لكن لن يقبل المصريون وجود «قوى إسلامية» لا تدين العنف والإرهاب، إيا كان موقفها، وتغض الطرف عن ممارسات يفترض أنها تتعارض، وتتصادم مع بنائها الإيديولوجى.
قد تكون الفرصة الأخيرة، قبل أن يدمغ خاتم المجتمع «جميع الإسلاميين» بالإرهاب إما فعلا أو تسويغا أو تبريرا أو صمتا.