يا فرج الله
سيد محمود
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 مارس 2019 - 11:40 م
بتوقيت القاهرة
أضم صوتى لصوت الكاتبة الناقدة الكبيرة عبلة الروينى التى ناشدت الرئيس عبدالفتاح السيسى فى صحيفة الأخبار المصرية قبل أيام إصدار عفو رئاسى عن الناشر خالد لطفى، مؤسس مكتبة تنمية بوسط القاهرة، بعد أن صدر حكم بحبسه خمس سنوات إثر اتهامه بنشر أخبار كاذبة وإفشاء أسرار عسكرية، بعد قيامه بتوزيع كتاب «الملاك» للمؤلف الإسرائيلى «يورى بار جوزيف» ونشر طبعة مصرية منه.
وتساهم هذه المناشدة فى إنقاذ شاب يواجه مصيرا مأساويا وقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية دعما كبيرا له عكس تقدير واسع من المثقفين العرب والمصريين لدوره فى خدمة الكتاب.
وقبل صدور هذا الحكم كانت قضية خالد لطفى مثيرة فقط لأسى أصدقائه المقربين الذين احترموا رغبة عائلته فى التعامل مع الأزمة بهدوء وتمسك الجميع بالأمل فى تصحيح الموقف، وخروجه من المحنة سالما.
وكان المتوقع أن تؤدى الحكمة فى معالجة الأزمة لمصير آخر غير هذا النفق المظلم الذى آلت إليه وعصف بتجربة نجاح بدأها صاحبها وهو لا يملك من المؤهلات سوى الأمانة وقوة العزيمة ومحبة صادقة لله وللوطن.
وعبر سنوات من العمل تحولت مكتبته لوجهة يتوجه لها مثقفون كبار بحثا عما هو جديد واكتسبت بفضل إدارة خالد لطفى ثقة أسماء مثل د. جابر عصفور، ود. شاكر عبدالحميد، والكاتب حلمى النمنم، وآخرين تعاملوا معه عن قرب ولمسوا فيه الصفات التى دفعت بعضهم لعرض مختلف أشكال الدعم والمساندة لكن سعيهم واجه عقبات كثيرة.
وإلى جوار هؤلاء جذبت المكتبة مثقفين آخرين بعضهم على استعداد للوقوف للشهادة أمام الله وأمام أى محكمة دعما لهذا الشاب الذى راح ضحية حسن نواياه، فالمعنيون بموضوع كتاب «الملاك» كانوا على علم بمحتواه قبل نشره أو توزيعه فى القاهرة، كما نشرت صحفنا المصرية عدة تعليقات بشأنه لأقلام معروفة ومن بين هؤلاء الراحل محمد حسنين هيكل ويوسف القعيد وعبدالله السناوى وصلاح منتصر الذى لا يزال يكتب حتى اليوم حلقات مسلسلة منقولة حرفيا من الكتاب دون أن يواجه أية مشكلات، بينما يدفع خالد لطفى الثمن بسخاء من سنوات شبابه.
ويعرف البعض أن الكتاب المتاح على الإنترنت كان موضوعا لحلقة تليفزيونية على شاشة قناة دريم قبل أزمة نشره مما أعطى رسالة واضحة أنه لا مشكلة فى محتواه أو موضوعه.
ورغم ما أثاره الحكم على خالد لطفى من ضجة كبيرة إلا أن الأمل ما زال كبيرا فى استجابة السيد الرئيس للمناشدة التى رفعها اتحاد الناشرين العرب للتدخل بقلب الأب وإصدار عفو رئاسى عن شاب لا تكتمل ملامح صورته دون العودة لما كتبه كاتب كبير مقدر من المؤسسة العسكرية ومن شخص الرئيس وهو الراحل جمال الغيطانى الذى عبر فى مقالات عدة عن تقديره البالغ للمكتبة وصاحبها الذى كان يستقبل الجميع بابتسامة وديعة، ولم يكن منتميا لأى تيار سياسى ويخضع فقط لضميره ولضوابط مهنته التى أداها بإخلاص نادر شهد له الجميع، كما تؤكد على ذلك شهادة رسمية قدمها اتحاد الناشرين المصريين تشير بوضوح لصفاته وأشهد أمام الله وقد عرفته عن قرب وعايشته كصديق أنه كان مثالا للطموح النبيل المترفع عن أى غرض سوى خدمة الوطن ومحبة الناس وإذا كان الجميع يفتقد الموزع والناشر، فإن من عرفوه يفتقدون صديقا لم أر حولى أنبل منه ويدفعنى غيابه المؤلم لأحذف من ذاكرتى شارعا كنت أعبره كل يوم لأجل ابتسامته التى كانت دائما تثق فى فرج الله القادر على إزاحة هذه الغمة بسلام.