نقطة انطلاق جديدة للعمل العربى
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
الأحد 5 أبريل 2015 - 9:30 ص
بتوقيت القاهرة
لمسنا فى مؤتمر القمة العربية أن العرب قرروا أخيرا أن يتوحدوا وأن تكون مبادرتهم وقراراتهم فى أيديهم وليس فى أيدى قوى أخرى مهما كبرت فللشعوب العربية مصالحها الكبرى فالعالم العربى وفى هذه اللحظة التاريخية وبعد سبعين عاما من إنشاء الجامعة العربية ربما وصل إلى درجة النضوج والإدراك بأن الشعوب العربية ليست لها إلا بعضها البعض أمام الأخطار التى تواجهها وأن مصالحها الحقيقية هى أن تتكاتف وتأخذ زمام المبادرة ولا تجعل القرارات تنهال عليها لتنقذها هى، لا بأس أن يتم التنسيق مع قوة إقليمية أو دولية لأن العالم العربى ليس وحده بل هناك شعوب أخرى وسياسات أخرى ولكن بشرط أن يظل القرار قرارا عربيا صرفا فيما يخص المصالح العربية . ولكن إن أرادت الدول العربية أن تجعل من هذه اللحظة التاريخية نقطة انطلاق جديدة لوحدتها علينا ان ندرك الآتى :
1ـ أن العالم العربى هو كالموزاييك فهناك أديان مختلفة وإثنيات مختلفة ودول لها مخزون حضارى يمتد إلى آلاف السنين على سبيل المثال لا الحصر، مصر والعراق وغيرهما. وبالتالى ثقافة قبول العربى الآخر مهما كان مختلفا، يجب أن تسود فى إطار من المواطنة التى لا تمييز فيها بين مواطن عربى وآخر بسبب اللغة أو الجنس أو الإثنية أو المستوى الاجتماعى وغيرها.
2ـ رغم أن الديمقراطية ليست سائدة فى معظم البلاد العربية إلا أن القيادة السياسية لتلك الدول مطالبة اليوم وفى ظل هذا الموقف التاريخى أن تعمل على احترام حرية الإنسان العربى وحقوقه وتشركه ديمقراطيا فى الحكم فلا يجوز أن أنظمة الحكم تظل متخلفة عن الركب العالمى إلى الآن ونحن تجاوزنا بدايات القرن الواحد العشرين.
3ـ العمل على تحقيق هدف طالما طالبت به الشعوب العربية وهى إذابة الحدود الجغرافية والنفسية والدينية والطائفية بين الشعوب العربية والعمل على استثمار الخيرات وتوزيعها بشكل عادل فلا يجوز أن تعيش دول بسبب النفط فى بـذخ كبير ( وحتى فى الدولة الواحدة ) ودول عربية أخرى فى فقر مضجع، فالأخوة العربية وتطبيق صحيح الأديان تفرض التضامن الأخوى وعدالة التوزيع.
إن قرار القمة العربية بتأسيس قوة مشتركة وكذلك العمل العربى المشترك هو مثال حى على ان عقدت النية تحققت الأهداف وأيضا تعطى دفعة جديدة متجددة وفكرا جديدا للعمل المشترك والترابط المشترك بين جميع الدول العربية، ولا نعود إلى الماضى المرتبط للأسف بدسائس ومؤامرات من وعلى الجسد العربى.
القمة العربية أول قمة عربية يشعر المواطن العربى بجدواها. أول قمة لها قرار عربى ينزل إلى أرض الواقع قبل أن يكتب على الورق ويحفظ فى ملفات الجامعة العربية.
وقد ختمها الرئيس المصرى كما لم يفعل قائد عربى منذ سنوات بعيدة بترديد جملة تشبه الهتاف تحيا الأمة العربية ثلاث مرات. هتاف قوى منح المترددين واليائسين من عروبتهم بريق الأمل حتى لو كان لفظيا، والتمسك بخيار العروبة الذى يضخ دماء الأمل والتضامن فى شرايين العمل العربى المشترك. فهذا يعنى اننا نستطيع توحيد وجهات النظر السياسية والاقتصادية بما يخدم تطلعاتنا ويحقق اهدافنا.