هل فقد الفلسطينيون الأمل بحل الدولتين لشعبين؟
جلعاد شير
آخر تحديث:
السبت 5 مايو 2012 - 8:35 ص
بتوقيت القاهرة
دعا أحمد قريع «أبوعلاء» فى مقال نشره فى الفترة الأخيرة القيادة الفلسطينية إلى التخلى عن صيغة دولتين لشعبين التى تستند إليها عملية السلام الإسرائيلية ــ الفلسطينية، واقترح بديلا عنها تبنى فكرة «دولة واحدة لشعبين»..
وقبل بضعة أسابيع دعا البروفسور سارى نسيبة إلى فكرة مشابهة، عندما كتب: «لا يمكن أن توجد دولة فلسطينية من دون القدس الشرقية عاصمة لها، « وهذا الأمر لم يعد ممكنا. لذا فإن رؤيا الدولتين هو «فقاعة خيالية (fantasy bubble).
●●●
يعكس هذان الموقفان يأس القيادة الفلسطينية من فائدة مواصلة العملية السلمية مع إسرائيل عامة، ويأسها من التوصل إلى تحقيق صيغة دولتين لشعبين. وقد ترافق هذا اليأس مع المساعى التى يبذلها الفلسطينيون من أجل الحصول على اعتراف دولى بدولتهم، لا من خلال المفاوضات مع إسرائيل، وإنما بصورة أحادية الطرف وعبر المؤسسات الدولية. ويستند الفلسطينيون فى توجههم هذا إلى الاعتبارات التالية:
أــ تبدد آمال الفلسطينيين فى أن الرئيس أوباما قادر على أن يفرض على إسرائيل وقف توسيع المستوطنات ودفعها إلى القبول بتسوية سلمية تتلاءم مع الموقف الفلسطينى. وبالنسبة للفلسطينيين لم يعد مهما ما إذا كان هذا ناتجا عن عجز الرئيس أوباما عن القيام بذلك أم لأنه لا يريد، فالنتيجة واحدة وهى الجمود المطلق للعملية السياسية فى مقابل تسارع البناء فى المستوطنات.
ب ــ لقد نجحت إسرائيل بزعامة نتنياهو فى إحداث تغيير جذرى فى جدول أعمال الإدارة الأمريكية. فقبل عام ونصف العام كان الموضوع الفلسطينى هو أحد أهم الأسباب لعدم الاستقرار فى المنطقة، وكانت الولايات المتحدة تعتبر السعى إلى حل النزاع الفلسطينى ــ الإسرائيلى مصلحة عليا بالنسبة لها وعاملا مهما من أجل توطيد مكانتها فى المنطقة. لكن جميع هذه الاعتبارات تراجعت خلال العام الماضى، واحتلت المسألة الإيرانية طليعة اهتمامات العالم الغربى، تاركة
وراءها المشكلة الفلسطينية.
ج ــ كما ساهم «الربيع العربى» والأحداث المأساوية فى كل من سورية ومصر فى صرف الاهتمام عن المشكلة الفلسطينية. أما الجامعة العربية، التى كانت الجهة الأهم التى تساعد فى طرح المشكلة الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولى، فقد خسرت الكثير من نفوذها، ولم تعد قادرة على أن تكون طرفا مؤثرا على الساحة الدولية.
د ــ أظهرت الحكومة اليمينية برئاسة نتنياهو قدرة مذهلة على البقاء فى الحكم لمدة طويلة موحدة الصفوف وثابتة. وعلى ما يبدو أنها نجحت أيضا فى إقناع أوساط دولية عديدة أنه فى ظل الثورات فى العالم العربى والشرق الأوسط، فإن معالجة النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى تتطلب الكثير من الحذر ويجب أن تكون
على مراحل.
●●●
فى ضوء ما سبق، وفى إثر فشل توجه الفلسطينيين إلى المؤسسات الدولية فى تحقيق النتائج التى أرادوها، فإن كل ما تبقى أمام القيادة الفلسطينية هو انتظار حدوث أحد الأمور التالية:
أــ أن يجرى حل المشكلة الإيرانية خلال الأشهر المقبلة، بحيث يصبح من الممكن إعادة المشكلة الفلسطينية إلى رأس جدول الأعمال الدولى.
ب ــ أن يُنتخب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، لا سيما وأنه سبق أن أظهر استعداده للسعى إلى حل النزاع بالاستناد إلى حل الدولتين. وأن يقوم فى إثر ذلك باستخدام ضغوطات كبيرة على إسرائيل بحيث يضطرها إلى إظهار المزيد من المرونة فى مواقفها والسير فى اتجاه التسوية الدائمة.
ج ــ أن يزداد الشعور وسط الرأى العام الإسرائيلى، ووسط القيادة الإسرائيلية، بأن استمرار الجمود السياسى وغياب الحل الذى يستند إلى صيغة دولتين لشعبين، من شأنهما أن يعرضا للخطر الطابع اليهودى ــ الديمقراطى لدولة إسرائيل.
وفى حال لم يتحقق ذلك، يمكننا الافتراض أن القيادة الفلسطينية ستعود إلى المسارات الأحادية الجانب، نظرا لعدم وجود خيارات أخرى بديلة. ففى مطلع أبريل الماضى، أوضح أبومازن أمام وفد ضم ممثلين عن مبادرة جنيف (التى قام بها يوسى بيلين وياسر عبدربه سنة 2003)، أنه فى حال لم يستلم ردا إيجابيا من نتنياهو على الرسالة التى أرسلها له، فإن السلطة الفلسطينية ستتوجه إلى الأمم المتحدة، وستطلب منها رفع تمثيل السلطة من عضو مراقب إلى دولة «غير كاملة العضوية».
وإذا لم تفد المساعى الفلسطينية هذه المرة عن نتائج إيجابية، فمن المتوقع أن تحظى مواقف أبوعلاء وسارى نسيبة السابقة الذكر بانتشار واسع وسط الجمهور الفلسطينى عامة والقيادة الفلسطينية بصورة خاصة.
نشرة موسسة الدرسات الفلسطنية