هل العراق بصدد «دايتون» جديد؟
صحافة عربية
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 مايو 2015 - 9:20 ص
بتوقيت القاهرة
بعد سقوط حكومة «المالكى» على وقع احتلال تنظيم «داعش» للموصل، التى كانت أحد مفاعيل السياسات الطائفية التى ارتهن إليها نورى المالكى الذى أراد عراقا لطائفة واحدة، ولم يدرك أن العراق من الصعب أن يغدو أعراقا.. يبدو أن هناك من يرغب فى الاستفادة من الشقاق العراقى الذى زرعت بذوره الحقبة السياسية الماضية بتنفيذ مشروع انفصالى.
الجدل الذى يدور اليوم بسبب تصريحات قادمة من واشنطن مفادها إحياء مشروع بايدن لتقسيم العراق الذى طرحه عام 2007 إبّان خدمته فى الكونجرس يومها صوت بالرفض باراك أوباما عندما كان عضوا فى المؤسسة التشريعية الأمريكية، هذا الجدل جاء على خلفية تسليح السنة والأكراد كقوتين منفصلتين عن الحكومة المركزية وذلك بهدف إحداث توازن بين القوى.
يدرك الساسة العراقيون أكثر من غيرهم أن السنّة فى العراق أكثر الطوائف التى تعرضت للاضطهاد بعد دخول الجيش الأمريكى، ساهم فى ذلك بلا شك الهيمنة الإيرانية على القرار السياسى فى بغداد، فتم إقصاؤهم وإقصاء المتعاطفين معهم حتى من الشيعة، لكن ذلك لا يبرر أبدا أن يذهب العراق إلى بوادر تشظٍّ، بالرغم من بعض السياسات التى قد تحفّز على الانطواء واعتزال بعض المناطق، ولا أدل على ذلك إلا تلك الإجراءات التى تبين مدى دفع بعض المسئولين العراقيين هذا البلد إلى التمزق، فأبناء الأنبار الفارين من «داعش» التى تمكنت من السيطرة على بعض المناطق السنية بسبب قصور الحكومة المركزية نفسها عن أداء مهامها، تفاجأوا أنهم بحاجة إلى كفيل ليدخلوا عاصمتهم، تُشعر تلك الإجراءات بحالة من الاغتراب بين أبناء البلد الواحد وهنا الخطورة.
الإدارة الأمريكية بالرغم من مسارعتها التقليل من مشروع السيناتور ثوربيرى ــ الذى يحاكى مشروع بايدن القديم ــ قالت إنه لا يستند إلى أى قوانين، ولا يعكس سياسة ومواقف الولايات المتحدة، وأنّ الرئيس أوباما، هو المسئول الوحيد عن تحديد السياسة الخارجية للإدارة، إلا أن ذلك يوحى بأزمة حقيقية، إذ إن تلك الأصوات والمشروعات التقسيمية التى تخرج من أهم المؤسسات التشريعية فى العالم قد تجد من يتبناها، وبالتالى قد تدفع العراق نحو حرب جديدة تحت رايات الانفصال، وهو أمر جد خطير، وقد تكون له انعكاسات سلبية إقليميا ونشوء حالة استقطابية عالية، فالتقسيم فى بلد مختلط الأعراق ليس حلا نهائيا ناجحا.
المطلوب عراقيا أن تكون حكومة العبادى لكل العراقيين، وألا تعزز الشعارات الدينية لأغراض سياسية، وأن تدفع باتجاه القضاء على الميليشيات أو إدماجها نظاميا، وأن تعزز التنمية خصوصا بعد الحروب التى دارت رحاها بين القوات العراقية و«داعش» فى المناطق السنية، وأن تلتفت إلى الحقوق السياسية للمكون السنى، وأن تلتزم بمعالجة بذور تكوّن التطرف فى مناطق السنّة الذين يرفضون أن يكونوا أداة لتمزق العراق أو تقسيمه.
الرياض ــ السعودية
أيمن الحماد