صناعة النفط فى نمو مطرد
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 5 يونيو 2024 - 7:10 م
بتوقيت القاهرة
أشارت الأخبار، الأسبوع الماضى، إلى صفقة مالية ضخمة، إن دلت على شىء فهى الثقة المستمرة بالصناعة النفطية العالمية؛ فقد اشترت شركة «كونوكو فيليبس» شركة «ماراثون أويل» العملاقة بقيمة 22.50 مليار دولار، الأمر الذى سيوسع عمليات «كونوكو فيليبس» فى قطاع النفط الصخرى الأمريكى، وفى الاكتشافات البحرية الضخمة الحديثة فى غينيا الاستوائية.
ويبلغ معدل إنتاج الولايات المتحدة فى المرحلة الراهنة نحو 13 مليون برميل يوميا من النفط الخام؛ ما يضعها فى قمة الدول المنتجة عالميا. والأغلبية الساحقة من الإنتاج الأمريكى مصدره النفط الصخرى. ورغم أن سياسة الإنتاج النفطية الأمريكية العالية هذه تتناقض مع سياسة الرئيس جو بايدن لتحسين البيئة، وتغير المناخ، فإنها تتوافق فى الوقت نفسه مع سياسته لاستقلالية الطاقة، والحد من التضخم من خلال تخفيض معدلات أسعار المنتجات النفطية الأمريكية، وتحديدا البنزين.
وفى هذا الوقت، أعلن «صندوق الطاقة المركزى» فى جنوب أفريقيا، عشية الانتخابات العامة للبلاد، موافقته على شراء مصفاة «سابرف» فى دربن. تبلغ طاقة المصفاة 180 ألف برميل يوميا، وهى مملوكة من قبل شركتى «بى بي» و«شل» لكنها مغلقة منذ عام 2022، وتحتاج إلى صيانة واسعة.
يعود سبب شراء المصفاة، وفق «الصندوق» المسئول عن الاستثمارات النفطية الحكومية فى جنوب إفريقيا، إلى «تأمين أمن الطاقة» فى البلاد بوصف جزءا من سياسة «الصندوق» للاستثمار فى «استراتيجية للنمو وسلسلة إمدادات الطاقة». كما أبدى «الصندوق» قلقه لانخفاض الطاقة التكريرية فى البلاد، و«تصدير وظائف محلية محتملة إلى الخارج، فى ظل بطالة عمالية عالية تبلغ نحو 33 فى المائة من الأيدى العاملة فى البلاد، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة فى استيراد المنتجات النفطية».
ونظرا إلى الاختصاصات والتجارب الواسعة التى اكتسبتها شركات النفط العالمية طوال فترة تزيد على قرن من الزمن، سواء أكان ذلك من خبرة المهندسين أم الإداريين النفطيين، وفرت هذه الخبرة ميزة واسعة لدى شركات النفط على غيرها من الشركات العالمية، وهى الولوج فى صناعات الطاقات المستدامة. ولربما المهم أيضا، الاستفادة من منشآت صناعات النفط والغاز لتحويل ما يمكن منها «الأنابيب والخزانات» للاستعمال فى صناعات الطاقات المستدامة، أو الاستفادة من خبرة النفطيين، أكثر من غيرهم، فى تطوير الطاقات المستدامة، الأمر الذى يوفر فرصا جديدة للشركات النفطية فى استدامة عمرها، وزيادة مسئولياتها وأرباحها، ومن ثم استثماراتها الضخمة فى قطاعات الطاقات المستدامة، إلى جانب استمرارها فى نشاطها النفطى.
وقَّعت شركة «توتال إنرجيز» النفطية الفرنسية، الشهر الماضى، مذكرة تفاهم مع شركة الكهرباء النمساوية «فيربند» وتونس لتشييد مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى تونس بعنوان «إتش 2 نوتوس» للتصدير عبر خطوط أنابيب إلى أقطار أوروبا الوسطى (إيطاليا والنمسا وألمانيا) بحلول عام 2030. ويهدف المشروع إلى إنتاج 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً بتغذية من الطاقات المستدامة (الشمسية والرياح)، وباستعمال مياه البحر المعالجة التى استمدت وقودها أيضاً من الطاقات المستدامة (الطاقة الشمسية).
من نافل القول، أن التجارب أعلاه، هى أمثلة، ليس على سبيل الحصر، للتطورات الموازية لبعضها فى مجال الطاقة فى كل من الصناعة الهيدروكربونية والطاقات المستدامة.
والعامل المشترك فى هذه اللحظة التاريخية لتحول الطاقة، هو الآتى: هناك عشرات القرارات التى تبنتها الحكومات لتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050 من جهة، وفى الوقت نفسه الازدياد السنوى المستمر فى الطلب العالمى على النفط.
فى هذا الصدد، تشير معلومات منظمة «أوبك»، إلى أنه من المتوقع فى ظل النمو الاقتصادى العالمى أن يزداد الطلب على النفط فى عام 2024 لنحو 2.2 مليون برميل يوميا، كما يُتوقع استمرار ارتفاع الطلب خلال عام 2025 لنحو 1.8 مليون برميل يوميا، مقارنة بالعام الماضى، ليسجل معدل الاستهلاك النفطى العالمى فى عام 2025 نحو 106.3 مليون برميل يوميا. وبالمناسبة، هذا أعلى معدل استهلاك نفطى سنوى عالمى إلى الآن، وهو ما يفسر، أكثر من أى سبب آخر، الاهتمام الذى تبديه صناعة الطاقة بالصناعة الهيدروكربونية.
وليد خدورى
خبير اقتصادى من العراق
الشرق الأوسط اللندنية