ليتها تعود!

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الأحد 5 يوليه 2015 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة

ليت قيمة العدل والعقل تعود إلى مجالنا العام، فنطلب معرفة الحقيقة ونطالب بمحاسبة الأجهزة الأمنية بشفافية وموضوعية وبمعايير سيادة القانون وضمانات حقوق وحريات الناس حين يقتل عدد من المواطنين فى «مداهمة شرطية» عوضا عن ضبطهم وتحويلهم إلى الجهات القضائية المختصة إن كانوا من المطلوبين للتحقيق أو من الهاربين من أحكام المحاكم.

ليت قيمة العدل والعقل تعود إلى مجالنا العام، فنرفض أن تتورط مؤسسات وأجهزة الدولة فى توظيف مفردات مثل التصفية / الثأر / الانتقام فى خطابها الرسمى وأن تشرعن بذلك لعصفها بسيادة القانون ولاختزال أفعالها وممارساتها فى مظالم وانتهاكات لا تختلف كثيرا فى الجوهر عن جرائم الخارجين عن القانون.

ليت قيمة العدل والعقل تعود إلى مجالنا العام، فنواجه دون هوادة محاولات مكارثيى «الأولوية الوحيدة هى للحلول الأمنية، ولتذهب حقوق الإنسان والحريات إلى الجحيم» استخدام إجرام عصابات الإرهاب لتمرير المزيد من القمع والمزيد من القوانين والتعديلات القانونية الاستثنائية والمزيد من هيستيريا العقاب الجماعى والمزيد من القيود على المدافعين عن حقوق الإنسان، تماما كما نواجه دون مساومة أو تحايل سوق المبررات الفاسدة للإرهاب والعنف ومكارثية الرقص على دماء الضحايا من المدنيين والعسكريين.

ليت قيمة العدل والعقل تعود إلى مجالنا العام، فنعترف بأن التفسيرات الميكانيكية للإرهاب التى تربطهما فقط بالاستبداد وغياب الديمقراطية تفتقر إلى الموضوعية ﻷنها لا تجيب عن أسباب حضور الإرهاب فى بلدان ديمقراطية (كبعض بلدان أوروبا الغربية واليابان فى سبعينيات القرن العشرين) وفى بلدان تتحول باستقرار نحو الديمقراطية (كتونس)، ولأن هذه التفسيرات الميكانيكية تتجاهل عوامل أخرى غير الممارسات القمعية وتراكم المظالم والانتهاكات تؤثر أيضا فى تشكيل البيئات القابلة للعنف كالفقر والجهل والتطرف ومحدودية فرص الحراك الاقتصادى والاجتماعى وتهميش قطاعات سكانية واسعة، وﻷن الممارسات القمعية والمظالم والانتهاكات تدفع فى الكثير من المجتمعات التى تعانى من الاستبداد وغياب الديمقراطية إلى تبلور معارضات سلمية ترفض عنف الدولة كما ترفض عنف عصابات الإرهاب.

ليت قيمة العدل والعقل تعود إلى مجالنا العام، فندرك أن مواجهة الإرهاب والعنف والتخلص من شرورهما لن ننجزهما بصمت على تجاوزات الأجهزة الأمنية أو بتورط الدولة فى التصفية والثأر والانتقام أو بتمريرها المزيد من القوانين والتعديلات القانونية الاستثنائية أو بمكارثية أنصار «لتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم» أو بجهل أصحاب التفسيرات الميكانيكية، بل بمزيج من الأدوات الأمنية التى تواجه من يحمل السلاح والأدوات القانونية والسياسية التى تضمن حقوق وحريات الناس وتمنع القمع وتحاسب عليه والأدوات التنموية الشاملة التى تعالج كوارث الفقر والجهل والتطرف والتهميش.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved