القدرة القتالية لـ«داعش» فى سيناء تحدّ جديد للجيش الإسرائيلى
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأحد 5 يوليه 2015 - 10:20 ص
بتوقيت القاهرة
إن الهدف من الهجوم الإرهابى الذى شنه تنظيم «داعش» فى سيناء هو زعزعة الحكم المصرى العلمانى للرئيس عبدالفتاح السيسى فى مصر. لكن يبدو من التقارير الأولية وغير الواضحة الآتية من سيناء، أنه ليس السيسى وحده من يجب أن يقلق، بل إسرائيل أيضا.
فعلى المدى القصير يجب أن نستعد لاحتمال أن يتطور الهجوم على 15 موقعا ومركزا لقوات الأمن المصرية فى شمال سيناء، ما أدى إلى مقتل عشرات الجنود المصريين، إلى هجوم فى اتجاه الحدود الإسرائيلية. ففى السنوات الأخيرة قام رجال الجهاد العالمى فى سيناء بمهاجمة مواقع للجيش المصرى والقوات الدولية فى شمال سيناء وسيطروا على آلياتهم المدرعة واقتحموا بواسطتها السياج الحدودى وتسللوا إلى أراضى إسرائيل، وقامت قوات مدرعة بمساعدة سلاح الجو بكبح تقدمهم. لهذا السبب، فإن الأخبار التى تحدثت عن سيطرة «داعش» هذا الصباح على آليات مدرعة تتطلب استعدادا ويقظة خاصة، فقد يوجه الجهاديون هذه الآليات نحو معابر الحدود مع إسرائيل والسياج الحدودى ويخترقونها بواسطة الدبابات والمدرعات الثقيلة.
إن هذا هو السبب الذى دفع الجيش الإسرائيلى إلى إغلاق المعابر وإصدار تحذير إلى البلدات على طول الحدود مع مصر ولا سيما فى الجزء الشمالى الغربى، يطلب منها اظهار اليقظة، كما كثف الجيش الإسرائيلى من وجوده المدرع على الأرض وتقوم طائرات من دون طيار بمتابعة ما يجرى بالقرب من الحدود. ويمكن افتراض أن الجيش قد وضع على أهبة الاستعداد طوافات وطائرات حربية، لن تتردد إسرائيل فى استخدامها إذا رأت أن هناك محاولة تسلل نحو أراضينا.
كما أنه من المحتمل أن تتطور المعارك الدائرة الآن بين الجيش المصرى وأتباع «داعش» إلى اطلاق للصواريخ والقذائف المدفعية نحو أراضينا، وهذا ما تستعد القيادة الجنوبية لمواجهته. فى هذه الأثناء يبدو أن رجال «داعش» مشغولون بالمعارك مع الجيش المصرى الذى يهاجمهم من الجو والبر، لكن حالة التأهب فى الجانب الإسرائيلى ستستمر عدة أيام أخرى لأن تجربة الماضى تدل على أن «داعش» سيحاول القيام باستفزازات على الحدود مع إسرائيل على أمل التسبب باحتكاك بين الجيش الإسرائيلى والجيش المصرى وتوتير العلاقات بين مصر وإسرائيل.
***
صحيح أن العلاقات اليوم بين الجيشين الإسرائيلى والمصرى جيدة ويوجد تعاون بينهما، لكن فى الماضى وقعت حوادث أثارت استياء المصريين بسبب إطلاق الجيش الإسرائيلى النار على جهات تنتمى إلى الجهاد العالمى تنشط فى سيناء، هاجمت أو حاولت مهاجمة بلدات إسرائيلية ودوريات للجيش بالقرب من السياج الحدودى مع مصر.
مع ذلك، فإن أكثر ما يثير القلق هو القدرات القتالية المثيرة للخشية التى راكمها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الموالى لـ«داعش» منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014 والذى اصبح اسمه الرسمى «الخلافة الإسلامية فى ولاية سيناء».
إن الهجمات الاستراتيجية المعقدة من الناحية العسكرية التى شنّها التنظيم فى كانون الثانى/ يناير من هذه السنة واليوم فى شمال سيناء، تدل على أن هذا التنظيم لم يعد مجرد عصابات تقوم بإطلاق الصواريخ قصيرة المدى بصورة عشوائية وغير دقيقة، أو تعد كمينا على الحدود المصرية ــ الإسرائيلية لباص ينقل مدنيين أو دورية من قواتنا. فما نراه اليوم هو تنظيم شبه عسكرى يستخدم أسلوبا مختلطاَ هو مزيج من إرهاب وقتال عسكرى نظامى مخطط ومنسق فى أدق تفاصيله. ومثل مقاتلى «داعش» فى شتى أنحاء الشرق الأوسط، فإن أتباع «الخلافة فى ولاية سيناء» مجهزين جيدا بالسلاح ومزودين بأسلحة متطورة. وما يثير القلق أنهم يستطيعون تحديد عدد كبير من الأهداف الاستراتيجية وجمع المعلومات الاستخباراتية عنها (تمهيدا العملية) ومهاجمتها فى وقت واحد وبالتزامن وبصورة دقيقة.
يطبق «داعش» فى سيناء بنجاح منقطع النظير مبدأ الحرب الكلاسيكية: فهو يهاجم فى وقت واحد جميع الأهداف الـ15 التى حددها من أجل إحداث مفاجأة. ولو لم يحدث الهجوم بصورة منسقة وفى وقت واحد، لكانت القوات المصرية دخلت فى حالة تأهب فى الأماكن التى لم تهاجم بعد.
كما نجح عناصر «داعش» فى عزل المنطقة المستهدفة من خلال كمائن نصبوها على الطرق المؤدية إلى الأهداف التى هوجمت، وبذلك منعوا وصول الامدادت واستطاع الجهاديون الدخول بسهولة إلى مركز الشرطة فى الشيخ زويد واحتجاز عناصره رهائن.
***
فى ظل هذه الوقائع، يتعين الأخذ فى الحسبان احتمال أن تتحول هذه القدرة العسكرية [لداعش] ضدنا، سواء فى حال تخفيف الجيش المصرى الضغط الذى يمارسه على الارهابيين فى سيناء، أو بسبب شعور الإرهابيين بالثقة بأنفسهم وبأن الوقت حان لفتح جبهة ضد إسرائيل. وهذا يمكن أن يحدث بأسرع مما كان يظن. كما يجب الاعتراف بأن السياج الحدودى لا يمكنه أن يكبح بفاعلية «جيشا» متمرسا مدرّبا وخبيرا فى استخدام وسائل قتالية معقدة. لقد أصبح «داعش» بالقرب من حدودنا.