مشكلة الطاقة اليوم.. ونظرة نحو المستقبل

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: الجمعة 5 يوليه 2024 - 8:47 م بتوقيت القاهرة

فى مقال الأسبوع الماضى تكلمنا عن الطاقة بوجه عام والطرق التى تحصل بها الدول على الطاقة اللازمة لها. العمليات الثلاث المتعلقة بالطاقة هى التوليد والنقل والتخزين وقد تحدثنا عنها. اليوم نتحدث عن المشكلات المختلفة التى تواجهها الدول وكيف سيكون مستقبل الطاقة من الناحية التكنولوجية. لا يجب أن ننسى أن الهدف الأساسى لكل الدول هو الحصول على الطاقة بشكل مستمر وبأقل التكاليف. المشكلات التى تواجه الدول فى مجال الطاقة يمكن تلخيصها فى الآتى:
قلة مصادر الطاقة: هناك دول تمتلك مصادر كثيرة وكبيرة من الطاقة المتولدة من الوقود الأحفورى مثل دول الخليج. هناك دول يسمح طقسها وقدرتها التكنولوجية باستخدام الطاقة شمسية، فى 2023 كانت الصين هى الدولة الأولى على العالم فى توليد الطاقة من الشمس تليها أمريكا. الصين أيضا هى أولى دول العالم فى توليد الطاقة من الرياح سنة 2023. كل دولة لديها مصادر قليلة أو كثيرة للطاقة. عدم القدرة على توليد الطاقة حتى وإن توافرت المصادر: وجود مصادر للطاقة شىء ووجود القدرات التكنولوجية والمالية اللازمة لتحويل تلك المصادر إلى طاقة كهربائية شىء آخر. توليد الطاقة يحتاج محطات وهذه المحطات نفسها تحتاج وقودا. نستطيع أن نقول إن محطات توليد الطاقة هى أجهزة تحويل الطاقة من شكل (مثل الحرارة والحركة) إلى شكل آخر (الكهرباء). إذا لم تتوافر القدرة على شراء عددٍ كافٍ من المحطات وصيانتها وتوفير الوقود اللازم لها حتى تعمل فالدولة تواجه مشكلة، على سبيل المثال جنوب السودان كانت أقل دولة فى توليد الكهرباء سنة 2021. عدم القدرة على تخزين الطاقة: فى بعض الأوقات قد تحتاج الدول لتخزين الطاقة واستخدامها فى أوقات الذروة أو عند حدوث مشكلة فى توليد الطاقة. هذا يحتاج بطاريات (ليست طبعا كالبطاريات التى نستخدمها فى الأجهزة الإلكترونية) ضخمة الحجم عالية التكلفة. الدول الأكثر استخداما لبطاريات تخزين الطاقة هى أمريكا والصين وأستراليا والهند واليابان وفرنسا وألمانيا مع صعود دول أخرى للمقدمة مثل شيلى. صعوبة نقل الطاقة: الطاقة يتم توليدها فى محطات متواجدة فى أماكن متفرقة، يجب بعد ذلك نقل تلك الطاقة إلى مستخدميها. إذا لم تتوافر وسائل فعالة لنقل الطاقة لمختلف الأماكن والتعامل مع سيناريوهات زيادة الاستهلاك فى مناطق معينة وقلة الاستهلاك فى مناطق أخرى فقد تضيع الطاقة المتولدة هباء. والتاريخ يتذكر مشكلة شبكة نقل الطاقة فى أمريكا سنة 2003 التى تركت 55 مليون شخص فى الساحل الشرقى بدون كهرباء لمدة 12 ساعة، هذا مثال على أهمية وجود شبكة متقدمة لنقل الطاقة تستطيع التعامل مع الأعطال بكفاءة.
هل منطقتنا العربية تواجه مشكلة أو أكثر من التى ذكرناها؟
...
المشكلة الأساسية التى تواجه منطقتنا العربية تتلخص فى نقطتين. الأولى هى وجود مصاعب مالية عند الكثير من الدول للحصول على الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة. النقطة الثانية هى أن أغلب دول المنطقة ذات حرارة مرتفعة والاحتباس الحرارى فى العالم زاد من حدة المشكلة لأنه يزيد من استهلاك الطاقة. هناك مشكلة ثالثة لا تقع فى نطاق المشكلات التى ذكرناها أعلاه أى أنها لا تؤثر على الحصول على الطاقة لكن لها أثاراها السيئة على المدى المتوسط والبعيد، وهى إن أغلب محطات توليد الطاقة فى منطقتا العربية تعتمد على الوقود الأحفورى وهذه طاقة غير متجددة وملوثة للبيئة. تحدثنا عن المشاكل فماذا عن استشراف المستقبل؟
...
هناك شيئان سيحددان مستقبل الطاقة: الطاقة النظيفة والمتجددة والذكاء الاصطناعى العالم كله يشهد التغييرات المناخية التى تؤثر على الكوكب وبالتالى الدفع نحو الطاقة النظيفة سيزداد. الموضوع طبعا ليس سهلا لأن هناك عاملين سيؤثران سلبا على سرعة التوجه للطاقة النظيفة:
ارتفاع ثمن تلك الطاقة لكن هذا صحيح لأية تكنولوجيا جديدة، مع التقدم العلمى والتكنولوجى وزيادة استخدام تلك الطاقة سينخفض الثمن. مقاومة من الشركات التى تعمل فى استخراج وتكرير واستخدام الوقود الأحفورى، لكن ذلك أيضا طبيعى عند ظهور أية تكنولوجيا جديدة.
المستقبل أيضا سيعتمد على الذكاء الاصطناعى، فما هو دور الذكاء الاصطناعى فى مجال الطاقة؟
...
فرع الذكاء الاصطناعى الذى نستخدمه ونتكلم عنه فى عصرنا الحالى يسمى تعليم الآلة (machine learning)، هذه النوعية من البرمجيات تستطيع القيام بشيئين بدقة شديدة: التعرف على الأنماط والتنبؤ ببيانات مستقبلية عند إعطائها بيانات حالية وقديمة، وعلى هذا فاستخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الطاقة سيكون مفيدًا جدًا، فعلى سبيل المثال:
يمكن التنبؤ بالأعطال فى شبكة التوزيع أو محطات الإنتاج قبل حدوثها مما يساعد على اتخاذ الإجراءات اللازمة. يمكن التحكم بكفاءة فى توزيع الطاقة على المناطق الجغرافية المختلفة تبعا للاستهلاك. الذكاء الاصطناعى يمكن استخدامه فى خدمة العملاء. يمكن استخدام الطاقة المتولدة من عدة مصادر واتخاذ قرارات دقيقة عن متى يتم استخدام كل مصدر وكيفية دمجهم ومتى يتم تخزين الطاقة. يمكن التنبؤ بازدياد الاستهلاك فى بعض المناطق قبل حدوثه. يمكن التنبؤ بالطاقة التى يمكن توليدها من مصادر الطاقة النظيفة فى المستقبل القريب. يمكن تقليل الطاقة المستهلكة فى المنازل.
القائمة أعلاه هى فقط أمثلة. ... ملف الطاقة خاصة فى الدول النامية يحتاج عدة خطوات ستأتى أُكلها فى المدى المتوسط:
الاستثمار فى تكنولوجيا تخزين الطاقة. زيادة البحث العلمى فى تحسين كفاءة الخلايا الشمسية (كما تحدثنا فى مقال الأسبوع الماضى) ومصادر الطاقة النظيفة والمتجددة الأخرى وأيضا فى استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الطاقة على المستوى الكبير (توليد ونقل الطاقة) والصغير (فى البيوت). الزيادة التدريجية فى استخدام الطاقة الشمسية خاصة فى الدول التى يسمح جوها بذلك مثل عندنا فى مصر.
وأخيرا من أراد أن يتوسع فى القراءة فى مجال الطاقة فعليه بكتب فاكلاف سميل (Vaclav Smil) وهو أستاذ بجامعة مانيتوبا بكندا وله العديد من المؤلفات لغير المتخصصين فى مجال الطاقة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved