حدث فى المتحف المصرى
غادة عبد العال
آخر تحديث:
الخميس 6 أغسطس 2009 - 1:38 م
بتوقيت القاهرة
أتيحت لى الفرصة أخيرا للقيام بزيارة تاريخية للمتحف المصرى الكائن فى ميدان التحرير بعد سنوات وسنوات با ترجى فيهم أصحابى الأندال إن حد ييجى يدخله معايا، لكن لأن المتحف بكامل أدواره لا يحتوى على صورة واحدة لعمرو ولا تمثال صغنتوت لتامر فقد كانت نتيجة رجائى لهم دائما ألا حياة لمن تنادى، لكن الأسبوع الماضى لم أستطع مقاومة ذلك النداء الخفى من أجدادى وجداتى العظام لزيارتهم ومشاهدة آثار عظمتهم وعبقريتهم (اللى الحمد لله إنها لسه موجودة وإلا كنا شحتنا من زمان ).
تجولت فى الدور الأول اللى نص القطع الموجودة فيه جزء من لعبة يلعبها معنا أمناء المتحف فتغيب البطاقات التعريفية لنصف القطع تقريبا ويبقى مش ناقص إلا إن كل فرعون يقف جنب التمثال بتاعه ويحركلنا إيده فى الهوا وإحنا نفسر.. شخصية؟.. من كام كلمة؟.. أولها ألف ولام؟.. لكن الدور الثانى كان أفضل حالا خاصة الجزء الخاص بالمومياوات الملكية، وبغض النظر عن صعبنتى على جدودى العظماء، وهم معروضون فى توابيت زجاجية واللى يسوى واللى ما يسواش بيتفرج عليهم فى حجرتهم الصغيرة الضيقة اللى تقريبا تم وضعهم فيها بالشكل ده عشان يحسوا بعذاب أحفادهم المكدسين فى الأتوبيسات كل يوم، لكن اللى تعبنى فعلا هو الشرح اللى كان بيشرحه أحد حراس الأمن لسائحة خليجية جاءت لتسأله عن المومياوات، وهل من بينها مومياء رمسيس الثانى أم لا.
جاوب أخونا عن كل أسئلتها وبعدين قرر يفيدها ببعض المعلومات التاريخية اللى لا يمكن هتحصل عليها من مصدر أكثر ثقة من حراس أمن المتحف المصرى.. فبدأ من تأكيده غير القابل للشك أن «رمسيس الثانى» هو فرعون «موسى» على الرغم من صوت الدكتور زاهى حواس، الذى بح وهو ينفى ذلك فى جميع وسائل الإعلام انتهاء بالمعلومة الساحقة الماحقة «إحنا ماعملناش حاجة يا أبلة.. اللى عمل الحاجات دى كلها ناس جايين من الفضاء».. هنا انفجرت فى الرجل: «ليه كده يا بنى آدم؟.. ربنا مش مقدرك على كلام مفيد يبقى بلاش منه خالص وبعدين مين قال إن إحنا ماعملناش حاجة.. إثبت».. التفت لى وبكل تلقائية، مشيرا إلى نفسه: «طب بذمتك إنتى يا أبلة.. ده منظر واحد جدوده بنوا الهرم؟
ورغم أن منطق الرجل كان قوى (فعلا مش منظر حد يبنى الهرم ولا حتى آخر فيصل)، لكن الدم كان بيغلى فى عروقى وأنا باشوف السائحة الشقيقة وهى ماشية مقتنعة جدا بكلام الحارس الأمين.. وهنا من المفترض أن أوجه ندائى للمسئولين عن السياحة فى هذا البلد أو المسئولين عن التعليم أو الإعلام أو الثقافة، وأسأل عن حل يخلينا عندنا الحد الأدنى من المعلومات عن عصر كنا فيه الأفضل وعن أجداد لو كانوا عايشين لدلوقت كانوا ماتوا مليون مرة، وهم بيسمعوا أحد ورثتهم اللى لحم أكتافهم من خيرهم بينكر إنهم كانوا أساسا موجودين.. لكنى بدلا من ذلك أوجه ندائى لكل شخص ساهم، ويساهم على مر السنين فى حفر مبادئ «التمثيل المشرف» و«إحنا مش أد الناس دى يا عم» و«إحنا فين وهم فين» و«كفاية علينا قوى كده» فى عقولنا كلنا..
شكرا ليك.. شككتنا فى ماضينا وأفقدتنا الأمل فى حاضرنا.. أما عن المستقبل.. فتفتكروا أحفادنا بعد 6000 سنة، وهم واقفون فى المتحف المصرى بتاعهم وبيتفرجوا على آثارنا.. هتكون آثارنا دى عبارة عن إيه؟.. أقولكم.. ربنا يستر.