أنسنة مصر
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الإثنين 5 سبتمبر 2011 - 9:20 ص
بتوقيت القاهرة
هى العبارة الوحيدة التى تحمل كافة مضامين وأهداف الثورة المصرية. فالحرية والمواطنة والديمقراطية والعدالة وسيادة القانون وكرامة الفرد لها أن تصنع معا مجتمعا إنسانيا يصون الحقوق والحريات ويعيدنا إلى خريطة الحضارة البشرية بعد طول غياب. الأنسنة بهذه المضامين والأهداف هى معيار الحكم الأخلاقى والسياسى على تطورات وتقلبات الة مصر بعد ثورة 25 يناير.
فهل يتماشى مع أنسنة مصر أن يعتقل الآلاف عسكريا ويحاكم بعضهم أمام القضاء العسكرى بدلا من القاضى المدنى (الطبيعى) ولا يعرف الرأى العام معلومات دقيقة عن أسباب اعتقالهم والتهم الموجهة إليهم؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر أن يستدعى للتحقيق أمام النيابة العسكرية إعلاميون أو نشطاء مهنيون لتعبيرهم عن وجهات نظر تنتقد أداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو تدعو للتظاهر والاعتصام دفاعا عن حقوق عامة أو خاصة؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر، وبعيدا عن السياسة بمعناها الضيق ولكن فى قلبها باعتبارها ممارسة تهدف لتحقيق الصالح العام، أن ترتكب جماعات من المواطنين جرائم قتل وتمثيل وتعذيب وعنف ضد مواطنين آخرين قيل إنهم من الخارجين على القانون؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر أن تقطع أيدى وأجزاء أخرى من أجساد مواطنين ويمثل بجثث وتجد مثل هذه الجرائم من يدافع عنها باعتبارها ممارسة للقصاص ولردع المجرمين؟ هكذا دون عدالة ومحاكم وقضاة؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر أن فئة مهنتها تجهيل المصريين باسم الدين وتشويه المخالفين فى الرأى وارتكاب جرائم قذف وسب بحقهم والعمل على أخذ مصر بعيدا عن حلم الدولة المدنية ودولة المواطنة يسمح لها بالهيمنة على الإعلام والسيطرة على الكثير من المساحات الدينية الشعبية ودون رقابة قانونية؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر، وفى ارتباط مباشر بهوية المجتمع الإنسانى العادل الذى نبحث عنه، أن نقبل وبصمت بوجود 50% من المواطنات والمواطنين يعيشون على أو دون خط الفقر دون عمل دءوب ومتكامل للحد من هذه المأساة الإنسانية؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر ألا يكون لدينا إلى اليوم قانون موحد لدور العبادة وقانون فعال يجرم التمييز وأن نكون مع كنائس مغلقة لا تستطيع الدولة إعادة فتحها خوفا من عنف جماعات سلفية؟
هل يتماشى مع أنسنة مصر سعى بعض القوى والأحزاب السياسية للاستئثار بالبرلمان وبمكاسب مرحلية هى بحساب المصلحة الوطنية صغيرة ودون اعتبار لضرورة توازن البرلمان وتمثيل جميع أطياف الحياة السياسية المصرية؟
نحن فى بداية طريق طويل وشاق لاستعادة الأنسنة ولبناء دولة ومجتمع الحرية والديمقراطية والمواطنة والعدالة. أمامنا سنوات، إن لم يكن عقود، من العمل والمثابرة والصبر.