الفلسطينيون يعلمون أن لديهم ما يخسرونه
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 5 سبتمبر 2015 - 9:00 ص
بتوقيت القاهرة
إن العمليات الفردية التى جرت أخيرا تطرح السؤال من جديد: هل نحن على عتبة انتفاضة ثالثة؟ والانتفاضة، للتذكير، هبة وثورة شعبية. إن النقاش العام السطحى هو الذى يُطلق مع الأسف الشديد، هذه التسمية الخطأ على كل حادث عنف أو سلسلة من الأعمال الإرهابية.
لقد شهدت إسرائيل، فى الظاهر، انتفاضتين. الأولى كانت انتفاضة «بيضاء»، عصيان مدنى حقيقى شمل أساسا رشق حجارة وزجاجات حارقة، لقيت تأييد جمهور مشاهدى الشاشة الصغيرة فى جميع أنحاء العالم، وأملوا أن ينتصر داوود الفلسطينى على غوليات الإسرائيلى.
• أما الانتفاضة الثانية التى هى «انتفاضة الأقصى» التى بدأت فى العام ٢٠٠٠ واستمرت بضعة أعوام، فلا تستحق هذه التسمية على الإطلاق، إذ كانت بمثابة هجوم إرهابى وحشى بأبشع الأساليب مثل عمليات انتحارية وقتل جماعى.
وهى تعتبر الخطأ الاستراتيجى الصعب للجيل الأخير من الفلسطينيين، إذ تبخر وتلاشى التأييد والدعم اللذان راكمهما الفلسطينيون فى الحملة «البيضاء»، مع كل تفجير انتحارى فى مقهى أو مجمع تجارى. عندما حصل ياسر عرفات على المليارات الأولى من الدول المانحة لإنشاء البنى التحتية الفلسطينية، امتنع عن إقامة مبان ومؤسسات ومصانع ومواقعاستراتيجية. ودأب أبو عمار على قول: «المعركة لم تنته بعد. نحن نتوقع أن يتم هدم هذه البنى التحتية من قبل العدو الإسرائيلى فى كل لحظة مواجهة معه».
قال عرفات بكلمات منمقة، ما كان يدركه كل فلسطينى عادى: «إذا لم يكن للفلسطينيين ما يخسرونه، فسيكونون دائما مستعدين للخروج إلى الشارع والمواجهة». هذه كانت أيديولوجيا عرفات.
تميزت حقبة أبومازن التى بدأت قبل عقد من الزمن بكونها خالفت كليا هذا التوجه. كان أبو مازن يعتقد أنه «يمكن إجراء ثورة وتأسيس اقتصاد سليم فى آن معا». وفى عهده شهدت الضفة الغربية ازدهارا. لكن لا ينبغى أن تختلط علينا الأمور، فمعدلات البطالة لاتزال مرتفعة، وفى أماكن معينة الوضع الاجتماعى ــ الاقتصادى صعب جدا. ولكن مقارنة بفترات سابقة، هناك تطورات جديدة تشهدها الضفة. إن «مدن التماس» مثل جنين وطولكرم وقلقيلية، أخذت تستعيد بالتدريج مكانتها الاقتصادية الراسخة بفضل العلاقات التجارية مع العرب فى إسرائيل ومع قسم من الجمهور اليهودى. وفى المنطقة الصناعية التى أعيد ترميمها فى جنين، يشتغلون فقط بصيانة السيارات الإسرائيلية تقريبا. والزبون الإسرائيلى يعود أيضا إلى عيادات طب الأسنان فى الضفة، مثلما كان يفعل بالضبط فى سبعينيات القرن الماضى. كما أن رام الله وبيت لحم هما على خط اقتصادى صاعد. ومن يتجول فى وسط المدينتين يشعر كأنه سائح فى الخارج، يستمتع بمطاعم الشيفات المهرة، وبماركات الأزياء العالمية المنتشرة. ويكفى النظر إلى مشروع الشقق الفخمة على مداخل رام الله، [مدينة] «الروابى»، كى نفهم طول المسيرة التى قطعها المجتمع الفلسطينى من أجل تحسين نوعية حياته. لماذا إذا لا تندلع انتفاضة ثالثة؟ تسمع فى الشارع الفلسطينى أسبابا متعددة
لذلك، بدءا بـ«نضج السكان»، مرورا بالخشية من صعود حركة «حماس»، وانتهاء بخيار «الانتفاضة السياسية» داخل منظمات الأمم المتحدة. لكن السبب الحقيقى يكمن فى أن الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية ينظرون جنوبا إلى قطاع غزة، وشمالا إلى لبنان، وشرقا إلى سوريا والعراق وحتى الأردن، وليسوا مشتاقين إلى خوض تجارب مشتركة. لدى الفلسطينيين الآن فى الضفة الغربية الكثير ليخسروه.
موشيه إلعاد
حاكم عسكرى سابق فى جنين وبيت لحم، ورئيس سابق للجنة التنسيق الأمنية مع السلطة الفلسطينية
يسرائيل هيوم
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية