سنوات فى عمان
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 - 10:29 ص
بتوقيت القاهرة
أعادنى معرض الصور العمانية الذى تستضيفه دار الأوبرا هذه الأيام، إلى ذكريات 3 سنوات قضيتها فى سلطنة عمان، كنت أشعر خلالها مثلى مثل كل المصريين أو الأجانب من الذين عملوا بالسلطنة أن «البيت بيتنا» وأننا شركاء فى هذا البلد الجميل ولسنا مجرد ضيوف، وهو «إحساس» يحرص العمانيون على أن يشعر به كل من يقيم بينهم.. وهذا ما اكتشفته خلال عملى بجريدة الشبيبة مع زملاء من السودان والأردن وسوريا والهند وباكستان وإيران وبنجلاديش وسيريلانكا..
كان أول ما شدنى فى عمان هو أناقة ونظافة العاصمة مسقط، وهى مدينة تنمو باستمرار ولكنها تحافظ على شخصيتها المعمارية ــ وهو درس ينبغى أن يعرفه المسئولون عن القاهرة ــ فلا يوجد تنافر فى أشكال و ألوان بناياتها.. وحتى الآن لا أستطيع أن أنسى نزهاتى على الكورنيش وطيور النورس وهى تحلق بلا خوف فوق رأسى.. أو شاطئ القرم بكائناته البحرية الغريبة وهى تجرى على الرمال تحت أقدامى.. أو القلاع والحصون والأبراج القديمة على سواحل المحيط بجانب المبانى العصرية الحديثة والأسواق الضخمة والحدائق الكبيرة.. وقبل ذلك كله عشرات الأصدقاء من المصريين والعمانيين الذين لم أشعر وسطهم أنا وأسرتى بأى إحساس بالغربة.
وخلف هذا المشهد الناعم، تنمو داخل عمان نهضة حديثة فى مناطق صناعية كبرى باستثمارات ضخمة يصاحبها اهتمام على أعلى المستويات بالحرف اليدوية التقليدية مع الحفاظ على البيئة من التلوث.. وهو ما لم نعمل حسابه فى القاهرة التى أصبحت محاطة بمصانع من الجهات الأربع وهى تصب مخلفاتها فى هوائها وتلوثه بمعدلات غير مسبوقة.. وأظن أننا يجب أن ندرس بجانب كل ذلك التجربة العمانية فى إقامة هذه المصانع بدون أن يشعر بملوثاتها سكان المدن، وأيضا تجربة السلطنة الفريدة فى غزو الصحراء وآخرها فى مشروع المدينة الزرقاء الذى يقيم مدينة متكاملة فى الصحراء بتكلفة تبلغ 15 مليار دولار..
والحق أن وراء هذه النهضة التى تشهدها عمان قيادة حكيمة للسلطان قابوس الرجل الذى أشعل ثورة حضارية فى بلاده صاحبتها تطورات اجتماعية مذهلة ربما يكون أكبر مظاهرها هو انتشار المدارس والجامعات وتعليم المرأة، والاهتمام بالفنون، إقامة مؤسسات سياسية حديثة.. هى كلها جهود تنطلق من قناعة السلطان الراسخة بالتزاوج بين الأصالة والمعاصرة.. وهو ما يميز شخصية الشعب العمانى، وهو أيضا سر حب كل من يزور عمان لهذه الأرض الطيبة..