6 أكتوبر حرب الشجعان..
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
السبت 5 أكتوبر 2019 - 8:40 م
بتوقيت القاهرة
** حرب أكتوبر بطلها جيل شجاع.. قائد شجاع، وجيش شجاع، وشعب شجاع. إن كل مصرى عاش مرارة هزيمة 67 يدرك قيمة انتصار أكتوبر وقيمة الجيل الذى خاض هذه الحرب بكل ما ملك من وطنية وعزيمة وإرادة.. إن شجاعة الرئيس السادات صاحب قرار الحرب تعود إلى أن خسارته للمعركة، لا قدر الله، كانت تعنى نهايته، ونهاية حلم استرداد الأرض التى ضاعت دون أن نحارب فى 67.. وكل ضابط وجندى خاض حرب أكتوبر كان يدرك أنها حرب الاتجاه الواحد، فإما النصر أو الشهادة.
** كنا شبابا صغارا فى حرب يونيو 67.. وصدمتنا الهزيمة، فبكينا، وتألمنا.. ورفض الشعب المصرى كله الهزيمة، وقرر أن يهزم الهزيمة، يوم خرج بالملايين مطالبا الرئيس جمال عبدالناصر بالاستعداد لمعركة التحرير، وكانت رسالة مذهلة من شعب جبار ومقاتل، مصبوغ بكل المشاعر الوطنية.. وكانت معاناة هذا الجيل رهيبة.. لكنه تحمل من أجل استرداد كرامته. فقد كان الشعور بكرامتنا التى سلبت مساويا لأرضنا التى سلبت.
** كنا نفرح بأخبار معارك حرب الاستنزاف التى خاضها جيل بطل من الشباب والضباط والجنود. وكنا نفرح حين نرى رجال القوات المسحلة وهم يعبرون شاطئ النيل فى عمليات تدريب مستمرة. وربما كان الجيش يحرص على نشر هذا المشهد كى يدرك المصريون أن قواتهم المسلحة تستعد لعبور قناة السويس.. وفى ذاك الوقت خرج طلبة الجامعات المصرية فى مظاهرات عاتية تطالب الرئيس السادات بتنفيذ ما وعد به. لم تكن مظاهرات خبز على الرغم من المعاناة. ولكنها كانت مظاهرات حرب. تطلب الحرب. على الرغم من التكلفة الباهظة لأى حرب.
** مضت 46 سنة على حرب أكتوبر.. ولم أنسَ أبدا كيف استقبلت مع آلاف الطلبة المصريين الذين سافروا إلى أوروبا للعمل صيفا. لم أنسَ أبدا تلك اللحظة التى صرخ فيها طالب مصرى بأعلى صوته ونحن فى العاصمة البريطانية لندن: «يا جماعة.. مصر عبرت قناة السويس. مصر بتحارب».. وحتى اليوم لم أستوعب لماذا تهرب دمعة من عينى كلما تذكرت تلك اللحظة. وتلك الصرخة. على الرغم من مضى كل هذه السنين؟.. هى لحظة مجد وصرخة ضوء انفجرت فى عز اليأس والظلام. ولذلك لا تفارقنى أبدا تلك الذكرى. ولا تفارق الجيل الذى عاش حرب أكتوبر ذكرياتها وآثارها وتأثيرها وأغانيها، ومشاعر المصريين وقتها، كأنه شريط سينمائى يمر أمامنا كل عام.. وهو أمر طبيعى وليس فيه أى مبالغة أو افتعال، فما زال الحلفاء يحتفلون كل عام بانتصارهم فى الحرب العالمية الثانية.. فتلك الانتصارات تمنح الأمم الأمل والثقة والقوة.
** قدمت السينما المصرية فيلم «الممر» الذى حقق بالمعايير التقليدية نجاحا كبيرا بالأرقام المادية وبعدد المشاهدين.. لكن هذا الفيلم حقق نجاحا أكبر من كل الأرقام حين استقبلت أجيال الشباب بطولات رجال القوات المسلحة بالتصفيق.. ونحن فى أشد الحاجة إلى فن يجسد بطولات مذهلة.. بطولات جيل من شباب مصر ظل فى الخنادق بالصحراء 6 سنوات، يحمى بلاده ويستعد ويتدرب ويبنى ويقاتل، بعد أيام قليلة من نكسة 67، وكانت أولى معاركه فى الأول من يوليو عام 1967 فى معركة رأس العش، تلك النقطة الموجودة فى بورفؤاد، واستمرت المعركة 7 ساعات بين سرية صاعقة مصرية قوامها 30 بطلا فى مواجهة دبابات ومدرعات إسرائيلية منيت بهزيمة ساحقة.
** الجيوش يمكن أن تخسر معارك، ولكنها لا تهزم فى حرب، إلا إذا انهزم الشعب وانهزمت الدولة.