فى تقييم عملية جمع التوكيلات
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 5 أكتوبر 2023 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
فى يوم 14 أكتوبر المقبل تنتهى مرحلة الأولى من انتخابات الرئاسة، وهى مرحلة جمع التوكيلات من المواطنين المؤيدين للمرشح المحتمل عبر الشهر العقارى، وتأييد نواب مجلس النواب لهذا المرشح.
والمعروف أنه من المطلوب وفقا للمادة 142 من الدستور أن يزكى المترشح عشرين على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها.
وكان العدد السابق وفق الدستور المؤقت لعام 2011، هو 30 من أعضاء مجلسى الشعب أو الشورى أو 30 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب بنفس الشروط السابق من حيث عدد المحافظات التى منها التأييد الشعبى.
لا خلاف على أن كل شىء له مدة، بمعنى أنه يجب تحديد زمن لكل إجراء فى الجدول الزمنى للانتخابات. هنا يلاحظ أنه قد خصص لتلك العملية اليوم 20 يوما من دعوة الناخبين للاقتراع وفتح باب الترشح.
وواقع الأمر أن هذا المدى الزمنى مختلف حوله، فهل هو يكفى لجمع التوكيلات أو أنه غير كاف، كما أن طريقة وأسلوب جمع التوكيلات أيضا مختلف بشأنها.
أولا، من حيث المدى الزمنى، يرى البعض أن هذا المدى الزمنى كاف لجمع التوكيلات والتأييدات، لأن المترشحين من المؤكد أنهم عزموا أمرهم على معرفة مصدر التوكيلات والتأييدات قبل بدء الترشح، أى أنهم استعدوا لذلك بشكل كاف. أما وجهة النظر المقابلة، فترى أننا فى دولة نامية حديثة العهد بالعمل الحزبى، ناهيك عن خصائص الأحزاب فى تلك البيئة، وهى خصائص ترتبط بكونها أحزاب ضعيفة لا أساس اجتماعى لها، كما أن تمويلها محدود، وهياكلها مهترئة. كل تلك الصفات تجعل ممن يحدد مدى زمنيا لجمع التوكيلات يحتاج إلى منح المرشح المحتمل فترة من الوقت حتى يستطيع أن يقوم بتلك المهمة.
ويدلل المعارضون لكفاية الفترة الحالية لجمع التوكيلات على حجتهم بقصر الفترة الحالية، بأن الفترة المماثلة فى انتخابات الرئاسة 2018 كانت 21 يوما وذلك بتحديد الفترة من 9 يناير إلى 29 يناير 2018 لذلك، وأنها كانت 22 يوما فى انتخابات الرئاسة 2014 من 30 مارس إلى 20 أبريل 2014، وأنها كانت 32 يوما فى انتخابات 2012، وذلك من 8 مارس إلى 8 أبريل 2012.
بالطبع يرى المؤيدون لفترة جمع التوكيلات، إننا نريد أن ننهى الانتخابات قبل 18يناير 2024، وهى المهلة المحددة فى الدستور لانتهاء معادلة قاضى على كل صندوق انتخابى. لكن هذا الأمر مردود عليه بأن مدة الانتخابات الحالية هى الأكبر فى الانتخابات الرئاسية الأربع الأخيرة. ففى انتخابات 2012 كانت المدة الإجمالية للانتخاب 106 أيام، وفى انتخابات 2014 كانت المدة 89 يوما وفى عام 2018 كانت المدة 104 أيام، أما الانتخابات الحالية فالمدة هى 113 يوما.
ثانيا، بالنسبة لطرائق وأساليب جمع التوكيلات من المواطنين، وتماشيا مع ظروف المجتمع المصرى الذى يعبأ لتلك الخطوة بشكل ربما سلبى، على النحو الذى تمثل فى مشاهد غير محمودة أحيانا فى عملية جمع توكيلات الشهر العقارى، والتى رصدتها وسائل التواصل الاجتماعى بشأن المنع أو المضايقات وغيرها، فإنه كان ونتيجة ذلك، وتماشيا مع ضعف الأحزاب السياسية وعدم سعة ذات اليد فى جمع العدد الدستورى فى وقت محدد، أن يحدث ولو فى الانتخابات الرئاسية القادمة أى من الأمرين التاليين: ــ
الأمر الأول، أن تتم عملية توكيل المواطنين لصالح المرشح بالوسائل الإلكترونية، وذلك بقيام الموكل بتلك العملية عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وهذا الأمر لن يستدعى الذهاب إلى الشهر العقارى، ومن ثم سيبتعد المواطن كلية عن المضايقات.
الأمر الثانى، أن يتم جمع التوكيلات بالأسلوب التقليدى، لكن يُخصص لكل مرشح أوقات محددة من اليوم لعمل التوكيلات، أو أن تخصص مكاتب محددة لكل مرشح، بحيث يمتنع نهائيا وجود المواطنين المتنافسين فى محيط المكان فى وقت واحد، لما لهذا الأمر من نزع لفتيل الخلاف والشجار والتهديد وفقد بطاقات الهوية. هنا من المهم خلال تلك الفترة أن تحث الهيئة الوطنية للانتخاب مؤسسات المجتمع المدنى على بدء عملها فى متابعة الانتخابات، أى إنه من الضرورى ألا تنتظر تلك المؤسسات بدء الحملة أو عملية الاقتراع والفرز لبدء عملها، بحيث تكون تلك المنظمات عين الهيئة الوطنية على ممارسة عملها.
هنا أعتقد أننا نكون أمام مشهد مختلف يتيح قدر أكبر من التعددية فى الترشيح.