مرة أخرى.. بانجو خالد سعيد وأقراص عصام عطا
وائل قنديل
آخر تحديث:
الإثنين 5 نوفمبر 2012 - 8:20 ص
بتوقيت القاهرة
تحت عنوان «وطن بلا تعذيب» دشنت مجموعة من ثوار ٢٥ يناير حملة لمحاربة التعذيب بأشكاله داخل أقسام الشرطة أو فى السجون أو أى من أماكن الاحتجاز .. الحملة التى خصصت خطا ساخنا لتلقى شكاوى وبلاغات التعذيب تكتسب دلالة شديدة الأهمية كونها تأتى فى ذكرى مرور عام على مصرع الشاب عصام عطا داخل محبسه بعد محاكمته عسكريا، وكان ذلك بعد ثورة يناير التى اندلعت من صفحة الشهيد خالد سعيد ضحية التعذيب بالإسكندرية.
ويحتوى بيان الحملة الأول على قائمة أطلق عليها «موسوعة الجلادين» فى عام ٢٠١٢ وتضم أسماء ضباط بالأقسام والأماكن التى يعملون بها، مع أسماء ضحاياهم، وأزعم أن هذه القوائم ينبغى أن توضع أمام صانع القرار السياسى فى مصر كى نفهم هل فعلا نعيش ما بعد ثورة الكرامة الإنسانية أم أننا لم نتحرك خطوة.
وفى ذكرى مقتل عصام عطا أعيد نشر سطور كتبتها فى هذا المكان بعد واقعة موته المؤلم داخل السجن «تحت عنوان من بانجو خالد سعيد إلى أقراص عصام عطا»: ما هذا البؤس: لم يكد المصريون يفيقون من صفعة الحكم الهزيل على القتلة الصغار فى جريمة خالد سعيد بالسجن سبع سنوات، حتى باغتتهم جريمة مقتل الشاب عصام على عطا تعذيبا فى سجن طرة.. وفى اليوم ذاته يقتل شاب برصاص الشرطة فى الشيخ زايد.
ووفقا للبلاغ المقدم من مركز النديم لحقوق الإنسان إلى قسم مصر القديمة فإن «عصام على عطا على، المحكوم عليه عسكريا بسنتين سجنا يوم 25 فبراير الماضى تعرض للتعذيب الوحشى عن طريق إدخال خراطيم مياه من فمه وأماكن حساسة بجسمه، ونقل دون معرفة أهله إلى مستشفى قصر العينى، حيث وصل جثة هامدة.
إن جريمة عصام كما يؤكد أهله أنه حاول إدخال شريحة موبايل إلى محبسه، بينما الكبار من المحابيس لا يحاسبهم أحد على استخدام أجهزة «آى باد» أثناء محاكماتهم.
غير أنهم وكما قالوا عن خالد سعيد إنه مات نتيجة ابتلاع لفافة بانجو، ها هم يواصلون المنهج ذاته بالقول إن عصام عطا مات نتيجة ابتلاع كمية من الأقراص المخدرة، غير منتبهين إلى أن ثورة يناير أوجدت وعيا جديدا لا يقبل بابتلاع كل هذه اللفافات من الأكاذيب.
ومن اللافت فى واقعة مقتل الشاب أن يقال إن أطباء التحرير برأوا الشرطة من دم الضحية، على الرغم من أن سطور التقرير الصادر عن جمعية أطباء التحرير أكدت وجود بقايا قفاز طبى داخل معدة القتيل تحتوى على كمية من المخدرات، والسؤال هنا: من الذى أدخل «الجوانتى» فى جوف عصام عطا؟ وهل يستطيع أى سجين أن يحصل على قفاز طبى داخل زنزانته؟
لقد ثار المصريون فى 25 يناير من أجل الكرامة الإنسانية، وكانت واقعة مقتل الشاب خالد سعيد على أيدى أفراد الشرطة الشرارة التى أوقدت الغضب فى صدور المصريين، فاشتعلت الثورة فى الفضاء الإلكترونى أولا، ثم تدحرجت كرة اللهب إلى أرض الواقع فكان الزلزال الذى أطاح برأس النظام.
وإذا كان المصريون قد قدموا ألف شهيد وآلاف المصابين فداء للحرية والكرامة الإنسانية فى ثورة 25 يناير المجيدة، فإن الشهور الماضية كشفت بجلاء أن أحدا لم يستوعب الدرس ولم يقرأ الرسالة جيدا، بدليل أن قطار القمع والانتهاكات لايزال يمضى فى طريقه وكأن شيئا لم يتغير.
ويبدو أن الأشرار فى هذا الوطن تصوروا أن استخدام فزاعة البلطجية لتمرير المقايضة البائسة بين الحرية والأمن سيبيح لهم العودة إلى إعادة تشغيل ماكينة إهدار الكرامة مرة أخرى دون أن يجرؤ أحد على الكلام.