إطار عمل لتغطية فشل كيرى
جميل مطر
آخر تحديث:
الإثنين 6 يناير 2014 - 8:40 ص
بتوقيت القاهرة
قضى جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى الأيام الماضية متنقلا بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى فى خطوة جديدة نحو التوصل إلى صيغة تفاهم تبرر جهود الشهور الأربعة المنصرمة. هذه هى زيارته العاشرة ضمن هذه الجولة. الهدف المحدد لهذه الزيارة إجراء محادثات تفضى بوضع «اتفاقية إطار»، تمهيدا للانتقال إلى خطوات أخرى نحو تسوية أو تصفية قضية فلسطين قبل نهاية شهر إبريل القادم.
مرة أخرى تقترب واشنطن من فشل محقق فى جهودها الرامية منذ عقود إلى إغلاق ملف فلسطين. مرة أخرى لا يجد المبعوث الأمريكى ما ينقذ رئيسه من سمعة فشل جديد فى التعامل مع ملف خارجى، سوى الزعم بأن الطرفين جاهزان للقبول بدرجة ما من درجات التسوية أقل كثيرا من طموحات الخصمين، ولا ضرر كبيرا يقع لو تراجعت واشنطن فى الساعات الأخيرة وأعلنت أن مسئولية الفشل يتحملها الجانب الفلسطينى، مطمئنة إلى أن أحدا فى أمريكا والغرب لن يعترض أو يناقش هذا الاتهام. أما وقد فشل السيد كيرى فى التوصل بالخصمين إلى اتفاقية سلام، فقد لجأ إلى درجة متدنية من درجات التسوية جربتها أمريكا من قبل لتغطية الفشل أو لإخفاء تنازلات خطيرة، وهى وضع «اتفاقية إطار».
وقع جون كيرى فى أخطاء جوهرية خلال تنفيذه هذه المهمة. أخطأ حين حدد أبريل القادم سقفا لمهمته، على أمل أن يكون هذا السقف دافعا للطرفين على تقديم تنازلات قبل هذا الموعد، يعفيهما من اتهام واشنطن لهما أو لأحدهما بعرقلة جهود السلام. كان يجب أن يعرف، بناء على تجارب من سبقوه، أن تحديد موعد نهائى بدون أن يقدم حوافز وضمانات للطرف الأضعف، يؤدى إلى فشل المهمة أو إلى اتفاق غير عادل. هذا هو ما حدث فى مباحثات اللحظة الأخيرة التى أجراها بيل كلينتون مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى منتجع كامب دافيد.
يخطئ كيرى حين يكرر تجربة «اتفاقية إطار» أو اتفاقية مبادئ عامة لا يوقع عليها طرفا الصراع وتتجاهل التفاصيل، وبخاصة إذا كانت التفاصيل تتعلق بأسس الصراع مثل قضية الحدود وعودة اللاجئين واعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية والوضع النهائى للقدس وحق إسرائيل فى التواجد الأمنى فى الضفة الغربية ووادى الأردن. خطأ كيرى أنه يكرر تجربة فاشلة اعتمدت منهج «الغموض البناء» والتمويه والمناورة فى الصياغة واستغلال ضعف الطرف الأضعف، مطمئنا إلى غياب عربى كامل وشامل، وإلى وضع حرج وضعت إيران نفسها فيه، وإلى أن إسرائيل فى النهاية قادرة على قمع أى تمرد فلسطينى على اتفاقية إطار وافق عليها ممثلون «شرعيون» وإن لم يوقعوا.