عصر ما بعد المضادات الحيوية
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 6 يناير 2017 - 10:00 م
بتوقيت القاهرة
لم يعد الإسراف فى استخدام المضادات الحيوية يمثل للعالم مشكلة طبية فقط إنما تعداه ليصبح أيضا معضلة اقتصادية تنبه إليها تقارير حديثة من هيئة الصحة العالمية والبنك الدولى.. الواقع أن المضادات الحيوية ليس كما يعتقد البعض تستخدم فقط لعلاج العدوى إنما يستخدمها العالم فى أغراض كثيرة أخرى منها الوقاية من الأمراض لدى مزارع تربية الدواجن وحيوانات اللحوم إلى جانب استخدامها أثناء الأوبئة بصورة عامة لدى العاملين فى مجالات الصحة وهم مضطرون للتعامل مع الإنسان والحيوان. قدر البنك الدولى فى تقريره الأخير الصادر فى سبتمبر الماضى أن الاقتصاد العالمى يمكن أن يخسر ما قيمته ٣.٤ تريليون دولار سنويا بحلول عام ٢٠٣٠ فى حالة تزايد معدلات الوفاة ونفقات العلاج المختلفة إزاء تراجع انتاجية العمالة نتيجة للباكتيريا المقاومة لفعل المضادات الحيوية. ذكر أيضا التقرير أن الدول ذات الدخول المتوسطة والمحدودة ستكون مضطرة لإنفاق تسعة مليارات سنويا للحد من ظاهرة مقاومة الباكتيريا للمضادات الحيوية.
الواقع أن الأمر جد خطير فإذا ما سرى فى العالم خطر ظهور جراثيم عملاقة صارت أبسط عدوى قادرة على القضاء على حياة إنسان دون جهد يذكر. ترى منظمة الصحة العالمية أن الأطباء سبب مباشر لانتشار تلك الظاهرة فهم يفرطون فى استخدام أنواع المضادات الحيوية ولا يرفضون طلب مرضاهم فى وصفها لهم اعتقادا منهم أنها تحمى فى كل الظروف بلا مناقشة لأهمية دورها من عدمه.
أصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرا دليلا استرشاديا للأطباء يمكن الاستعانة به لاتخاذ إجراءات بسيطة وفعالة للخلاص من آفة الإسراف فى وصف المضادات الحيوية دون داعٍ لها.
نظرا لأنه فيما يبدو ليس من السهل استنباط أنواع جديدة من المضادات الحيوية فى الوقت الحالى فإن منظمة الصحة العالمية ترى أنه من الواجب على أصحاب الشأن الصحى أن ينتبهوا إلى هذا الأمر فتشجع الحكومات مراكز البحث على تطوير الأبحاث الخاصة بتطوير إنتاج المضادات الحيوية والتوجيه بتقليص استخداماتها الحالية فى مجالات الزراعة حيث إن الجراثيم الجديدة المقاومة لها عادت تنتقل من الحيوانات للإنسان.. أيضا الاهتمام ببعض ما يمكن أن يقدم عليه الأطباء والتمريض من إجراءات بسيطة لكنها هامة مثل أن يهتم الطبيب بالسجل الدوائى لمريض فتسأله أن يسجل كل ما تناوله فى الفترة الأخيرة والحالية من وقت الكشف عليه. أن يكف الجراحون عن حلق شعر الصدر للمرضى قبل الجراحة لما يمكن أن يحدثه من قابلية للعدوى إلى جانب إجراءات النظافة العامة والتشديد على ضرورة توافر الشروط الصحية فى المستشفيات.
هذا ما صدر عن منظمة الصحة العالمية أما رسالتى اليوم لكل القراء الأعزاء: أن يكفوا عن تناول المضادات الحيوية عند الإصابة بأى نوبة نزلة برد وأن يكفوا أيضا عن الإلحاح على الاطباء بضرورة كتابة تذكرة صحية تمكنهم من شرائها وأن يحرصوا عليها قبل وبعد زيارة طبيب أسنان لخلع الضرس.