نداء إلى مجمع اللغة العربية والمجمع العلمي المصري
محمد زهران
آخر تحديث:
السبت 6 يناير 2018 - 11:40 م
بتوقيت القاهرة
كنت في جلسة مع بعض الأصدقاء أحدهم من الصحفيين العلميين القلائل في مصر الآن والآخر أستاذة لغة عربية في إحدى الجامعات الأمريكية والثالث من المحتميين بالإعلام والصحافة على وجه الخصوص وكان موضوع الحديث عن المقالات العلمية الموجهه للعامة (كما تحدثنا عنها في مقالات سابقة هنا و هنا).
في المقالات السابقة عن الكتابة العلمية للعامة تكلمنا عن الموضوعات التي يمكن أن تتناولها المقالات وعن كيفية تناولها أما اليوم نغوص قليلاً داخل بناء المقال العلمي الموجه للعامة ونركز على أحد أهم وحداته: المصطلح العلمي.
قال صديقي الصحفي العلمي أن تعريب المصطلح العلمي مشكلة عصية على الحل لأن تعريب مصطلح علمي من الإنجليزية إلى العربية يخضع للمنطقة الجغرافية فبلاد الشام قد تعرب المصطلح بطريقة مختلفة عن مصر والتي قد تختلف عن دول المغرب العربي، إذا فليس هناك إجماع على تعريب مصطلح علمي ما، هناك سؤالان مهمان هنا: أهو مهم أن نعرب المصطلح العلمي؟ ما أهمية أن يكون هناك توحيد في تعريب المصطلح؟
بخصوص أهمية تعريب المصطلح العلمي هناك رأي أنه يمكننا أن نستخدم المصطلح الإنجليزي (وهي لغة العلم في عصرنا الحالي) مثلما نستخدم كلمات مثل التليفزيون أو الراديو وهي كلمات أجنبية، الميزة في هذا الحل السهل أن كل المقالات العلمية العربية في عالمنا العربي ستكون موحدة من ناحيىة المصطلحات ولكن العيب أنها ستقلل من ثراء لغتنا العربية وأيضاً كما قال صديقي الصحفي العلمي أن اللفظ الأجنبي له شبه قداسة عندنا في بلداننا العربية (جزء من عقدة الخواجة) وإذا استخدمه الكاتب حتى في غير موضعه فقد يتقبله الناس ومن ثم يتعلم الناس معلومات خاطئة أو غير دقيقة.
صعوبة تعريب المصطلح أنه يتم عن طريق غير المتخصصين مما يسبب إختلاطاً في المعنى وأحب أن أسوق هنا مثالاً ذكره صديقي الصحفي العلمي وهو تعريب مصطلح مثل (nanoparticle) قد يترجمها البعض "جزيئات النانو" وقد يترجمها آخرون "جسيمات النانو" والفارق كبير ناهيك عن ترجمة كلمة "نانو"، إذا الموضوع ليس سهلاً ويستلزم الكثير من الجهد حتم نستخدم المصطلح الصحيح، قد تظن أن الموضوع ليس بالخطورة التي يوحي بها المقال ولكن إذا تعودنا على عدم الدقة في المصطلحات فسنفقد المعنى تدريجياً وقد نفهم المقال العلمي بشكل خاطئ والعلم يستلزم الدقة وإذا ضحينا بالدقة سنفقد المعني، وتوجد في اللغة الأدبية أمثلة كثيرة: كلمة شطار التي نستخدمها كمدح تعني في اللغة قاطع طريق وكلمة بان (مثل قصيدة كعب بن زهير التي تبدأ: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول) تعني بعدت وليس ظهرت كما نظن، الأمثلة كثيرة وهذا الخلط في المعنى يكون كارثياً في المقالات العلمية.
نأتي إلى السؤال الآخر وهو أهمية توحيد المصطلح العربي بين الدول الناطقة بالعربية، لنبدأ بمثال: التليفون المحمول له عدة أسماء في الدول العربية المختلفة بخلاف كلمة المحمول فبعض الدول تسميه الهاتف الجوال ودول أخرى تسميه الهاتف الخلوي، الأسماء الثلاثة صحيحة إلى حد ما فهذا الهاتف نحمله معنا في كل مكان فهو "محمول" ونتجول به فهو "جوال" ويعتمد على أبراج شركات الاتصالات والتي تكون خلايا وحين نتحرك من مكان إلى آخر بالتليفون فإننا نتحرك من خلية برج إلى خلية برج آخر فهو هاتف خلوي، إذا فبعض الأسماء تعتمد على الاستخدام (مثل محمول وجوال) وأسماء أخرى تعتمد على التكنولوجيا (مثل الخلوي)، ولكن هناك مشكلة في عدم توحيد المصطلح، نريد أن تنتشر الكتابة العلمية بين العامة في دولنا العربية فعندما يكتب كاتب من مصر مقال علمي نريد أن يفهمه القراء من المحيط إلى الخليج بدون أي غوض.
إيجاد مصطلح عربي للكلمات العلمية الأجنبية يكون موحداً وسهل الاستيعاب ودقيق مشكلة كبيرة وحلها يستلزم تكاتف عدة مؤسسات وهذا المقال هو نداء لأعضاء المجمع العلمي المصري ومجمع اللغة العربية لكي يوحدوا الجهود ويتكاتفوا لإثراء اللغة العربية وتسهيل القراءة العلمية على العامة، هذه خطوة أولى، الخطوة الثانية هي إيجاد لجنة مشتركة تجمع كتاب علميين من مختلف الدول العربية لتوحيد المصطلحات العلمية إن أمكن.. ومن يدري فقد يكون العلم هو ما يربط الدول.. فهل من مجيب؟