قطع الطريق على محاولات التعديل
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
الإثنين 7 يناير 2019 - 12:17 ص
بتوقيت القاهرة
قبل عام، تحديدا فى 7 نوفمبر 2017، قطع الرئيس عبدالفتاح السيسى الطريق على الأصوات التى كانت تنادى بتعديل مواد الدستور الخاصة بمدد الرئاسة لتصبح 6 سنوات بدلا من 4، وأن تكون ثلاث فترات رئاسية بدلا من فترتين.
السيسى قال فى مقابلة مع شبكة «CNBC» الأمريكية قبل فتح باب الترشح فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأسابيع، إنه مع الالتزام بفترتين رئاسيتين، مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، مضيفا: «لدينا دستور جديد الآن، وأنا لست مع إجراء أى تعديل فى الدستور خلال هذه الفترة.. وسوف أحترم نص الدستور الذى يسمح للرؤساء بشغل مناصبهم لفترتين متتاليتين فقط، مدة الواحدة 4 سنوات».
وبالرغم من دعوات بعض أعضاء البرلمان وعدد من الإعلاميين والصحفيين بضرورة تعديل «دستور النوايا الحسنة» حتى يتمكن الرئيس من استكمال ما بدأه من مشروعات، فإن السيسى نفى وبشكل قاطع أن تكون هناك نية لتمديد بقائه فى السلطة عبر تعديل المواد الخاصة بمدد وفترات الرئاسة وقال: «الدستور، يمنح الحق للبرلمان وللرئيس فى أن يطلبا إجراء تعديلات، وأنا لا أتحدث هنا عن فترات فى منصب الرئاسة، فهذه لن نتدخل فيها، ولهذا لن يستطيع أى رئيس أن يظل فى السلطة أكثر من الوقت الذى يسمح به الدستور والقانون، وهو 8 سنوات».
وأضاف: «لا يناسبنى كرئيس أن أجلس يوما واحدا ضد إرادة الشعب المصرى، وهذا ليس مجرد كلام أقوله فقط أمام شاشات التليفزيون، فهذه قيم أعتنقها ومبادئ أنا حريص عليها، وأى رئيس يحترم شعبه ومبادئه لن يظل يوما واحدا فى منصبه ضد إرادة شعبه».
إذن الرئيس السيسى وقبل أسابيع من فتح باب الترشح لانتخابه لفترة ثانية، أعلن احترامه والتزامه بالمادة 140 من الدستور الحالى والتى تنص على أن «رئيس الجمهورية ينتخب لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»، وأقسم قبل توليه مهام منصبه لفترة ثانية على احترام الدستور والقانون.
الآن هناك بعض الأصوات عادت لتعزف مجددا وتنادى بتعديل مواد الدستور بما يسمح ببقاء السيسى فترة أخرى بعد نهاية ولايته الحالية أو تمديد الفترة الحالية لعامين إضافيين بدعوى «استقرار البلاد ومواصلة الإصلاح الاقتصادى»، وبالطبع لن نقف عند الاختراع الذى أطلق عليه البعض «مجلس حماية الدولة والثورة» فالدولة لا تحتمل رأسين، ولن يقبل أى رئيس قادم أن يكون قراره أو إرادته مرهونا برضا أو قبول مجلس غير منتخب لم يحظ بثقة الشعب حتى ولو بشكل صورى.
إذا كان السيسى قد ترشح فى الانتخابات الرئاسية الماضية على قاعدة احترام الدستور الذى حظرت المادة 226 منه «تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات»، فلا يجوز لمؤسسات الدولة أو غيرها أن تغير فى نصوص العقد المبرم مع الشعب قبل الانتخابات.
فمواد الدستور هى جزء لا يتجزأ من بنود عقد أبرم بين «الحاكم والمحكوم» قبل اختيار الطرف الأول للطرف الثانى عبر صناديق الاقتراع، هذه البنود حددت سلفا الحقوق والواجبات والصلاحيات والمدة التى ينتهى بموجبها التعاقد، وتغيير أو تعديل تلك البنود يعد فسخا للتعاقد وإنهاء للعلاقة، التى حتى لو استمرت بأى صيغة فستتحول إلى علاقة هشة تسقط مع هبوب أى ريح، كأى علاقة تفتقد إلى المشروعية.
ما يروج له البعض بأن تعديل مواد الدستور بما يسمح للرئيس بالاستمرار فى منصبه سيعمل على استقرار الدولة، هو لعب بالنار، فما فتح دستور واستقرت الأمور إلى سلطة أيا كان سطوتها أبدا، والتاريخ القريب والبعيد لا يزال حاضرا.