فى مواجهة ذوى الرايات السوداء!
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الجمعة 6 فبراير 2015 - 7:40 ص
بتوقيت القاهرة
لا هوية لكارهى الحياة وعصابات الإرهاب إلا القتل والذبح والحرق وارتكاب صنوف أخرى من الجرائم ضد الإنسانية، لا هدف لهم إلا إشاعة الخراب والدمار ودفع الناس والمجتمعات والدول إلى حروب الكل ضد الكل اللانهائية، لا برنامج لهم إلا تجريدنا من حب الحياة بنشر الفزع والخوف والإحباط وإلغاء قدرتنا الفردية والجماعية على رفض الهمجية والجهل والعنف التى يرفعون راياتها السوداء.
فى حدادنا وحزننا على ضحايا الإجرام الإرهابى فى سيناء، فى ألمنا البالغ إزاء الوحشية التى قتل بها الطيار الأردنى الشاب معاذ الكساسبة وقبله من ذبحتهم داعش أمام عدساتها السادية المنشورة فى مواقع مختلفة بين العراق وسوريا، فى الصدمات المتتالية لتلقى أنباء التهجير الإجرامى لمسيحيى المشرق العربى من بعض المدن والقرى التى دوما ما عمروها وتدمير دور عبادتهم، فى متابعة قوائم الشهداء والمصابين بين ليبيا واليمن وخاناتها تتزايد باطراد وخرائط الدم وهى تتسع لتغطى مساحات شاسعة من بلاد العرب؛ تظل مسئوليتنا الأخلاقية والوطنية فى مصر وثيقة الارتباط بالتضامن فى مواجهة الإرهاب وجرائمه التى تسيل دماء من يضحون بحقهم فى الحياة دفاعا عن مصر وأمنها، وتطهيرا لأرض مصرية من دنس وحشية ودموية عصابات الإرهاب، وحماية لحقنا نحن فى الحياة وحق المجتمع فى الاستقرار وحق الدولة فى التماسك. التواضع إزاء تضحيات جنود وضباط القوات المسلحة والشرطة، والتضامن معهم، والامتنان المخلص لهم هى جميعا مشاعر إنسانية صادقة وسوية تسيطر على أغلبيتنا الساحقة دون تمييز بين حكم وموالاته ومعارضة وأصواتها أو بين كبار السن ومتوسطى العمر والشباب. وحسنا تفعل!
تظل مسئوليتنا الأخلاقية والوطنية وثيقة الارتباط بإنقاذ بعض البيئات المحلية ذات القابلية للإجرام الإرهابى من مصائر ذوى الرايات السوداء واستعادتها إلى ساحات التضامن فى مواجهتهم عبر رفع المظالم ومكافحة الفقر والأوضاع المعيشية السيئة بجهود تنموية ومجتمعية جادة، وعبر تمكين أهل هذه البيئات المحلية فى سيناء وغيرها من الربوع وتمكين القطاعات الشعبية المهمشة بفعل تقلبات الحكم والمعارضة خلال السنوات الماضية من المشاركة فى إدارة الشأن العام ومن التعبير بحرية عن مطالبهم المشروعة فى إطار الوطنية المصرية الجامعة شريطة نبذ العنف والتزام السلمية الكاملة، وعبر المساءلة الشفافة والمحاسبة الناجزة للسلطة التنفيذية ومؤسساتها المعنية نظرا لتكرر العصف بمقتضيات العدل وسيادة القانون وتراكم انتهاكات الحقوق والحريات، وعبر مطالبة الرأى العام بالامتناع عن التمييز بين دماء شهداء القوات المسلحة والشرطة وبين دماء مواطنات ومواطنين تسقطهم الانتهاكات، وعبر تهيئة المجال العام لإعادة اكتشاف قيم الموضوعية والعقلانية والتوازن المستند إلى تنوع الآراء دون قمع ودون ادعاءات زائفة باحتكار حق الحديث باسم الوطنية المصرية ودون تخوين حال دفعنا بحتمية المزج بين مواجهة الإرهاب بأدوات عسكرية وأمنية وبين الانتصار للتنمية والسلم الأهلى والديمقراطية.
تظل مسئوليتنا الأخلاقية والوطنية وثيقة الارتباط بالحيلولة دون استغلال تنوع آراءنا بشأن مواجهة ذوى الرايات السوداء وشروط التوظيف الفعال للأدوات المختلفة إن باتجاه إضعاف التضامن الشعبى، أو باتجاه الاستسلام لسطوة أنصار الحلول العسكرية والأمنية الانفرادية، أو باتجاه خلط كارثى بين الأصوات المطالبة من مصر بالتنمية والسلم الأهلى والديمقراطية والمدافعة عن ارتباطها الإيجابى بالنجاح فى مواجهة الإرهاب وبين أصوات تتوهم إمكانية «العمل السياسى من الخارج» وحقائق التاريخ والجغرافيا ومقومات الوطنية المصرية أبدا لن تسمح بذلك، أو باتجاه خلط كارثى آخر بين الدعوة إلى رفع المظالم واستعادة العدل وبين التورط فى الترويج لمبررات للإرهاب مدانة أخلاقيا ومنبوذة إنسانيا ومرفوضة وطنيا.