الاتحاد ــ الإمارات الريف مستقبل البشرية
صحافة عربية
آخر تحديث:
الجمعة 6 مارس 2020 - 8:20 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف»... نعرض منه ما يلى:
يتناول الكاتب الحديث عن معرض (الريف المستقبل) بمتحف «جوجنهايم» فى نيويورك المستمر حتى 18 أغسطس والذى يُركز على واقعة احتلال الريف من سطح الكرة الأرضية، بينما يعيش نصف سكان العالم فى المدن. وعرض الكاتب نعى المعمار العالمى «ريم كولهاس» للمدن التى كانت تُبنى لمواطنيها، وأصبحت مشاريع استثمارية لا تُعنى إلا بالأرباح. ويجد فى الصين أكثر البلدان رعاية للريف، ليس داخل حدودها فحسب، بل عبر العالم حيث يمتد مشروعها «الحزام والطريق» الذى خصصت له تريليون دولار.
وركز الكاتب على «كولهاس» الذى يعتبر من أشهر المعماريين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بعمران أبرز المدن فى العالم من «المكتبة العامة» المدهشةُ التصميم فى سياتل بالولايات المتحدة إلى «بنك روتشيلد» فى لندن، و«متحف سامسونج للفن» فى سيؤول (عاصمة كوريا الجنوبية)، ومقر التلفزيون المركزى فى بكين (الذى يشق تصميمه الشاهق الفضاء).
ويقول الكاتب أن «كولهاس»، الشغوف جدا بالصين لا يعتبر الخطر فى شيوعية الصين، بل فى تهاوى الغرب، وجهله بالعالم إلى حد أنه لم يدرك حتى الآن السبب وراء هجمات 11 سبتمبر فى نيويورك. ومن أقوال «كولهاس» المأثورة: «لا يمكن العيش فى هذا العصر إذا لم يكن عندك الشعور بمختلف القوى المتعارضة». والنقص فى إدراك ذلك يجعل الوسط المعمارى التقليدى يُنكر تنظير «كولهاس» للريف الذى يعد من أحد أبرز منظرى عمارة المدن منذ صدور كتابه «نيويورك البَطاحة» عام 1978، والذى يمجد فيه «ثقافة الزحام» ويطرى مشاعر الاهتياج التى تنتاب كل من فى نيويورك. ويرى الكاتب أن عند قراءة دليل معرض «الريف المستقبل» الذى كتبه «كولهاس» ندرك أنه لا يدعو العالم للهجرة إلى الريف، فالريف العالمى أصلا يهاجر إلى العالم، وليس على طريقة الهجرة التقليدية بل بوسائل لا تخطر على البال.. والتى تظهر كما يرى الكاتب ليس فى مدن التخوم الأوروبية التى يغزوها المهاجرون حاليا، إنما فى المناطق النائية، ففى بلدة نائية بجبل سويسرى يمكن أن نرى فلاح من سريلانكا يسوق جرارا زراعيا.
ويصف الكاتب المعروضات الخاصة بعمارة الريف التى تمتد على ستة مستويات فى متحف «جوجنهايم»، حيث يقف فى مدخله جرار زراعى ضخم يعمل بالتحكم عن بعد ويستخدم فى مزارع صناعية شيدتها العمارة الحديثة على طوابق عدة تحدث ثورة فى الإنتاج الزراعى توفر آلاف أضعاف ما توفره الزراعة التقليدية فى مساحات أصغر بآلاف المرات. وهو ما يعطى صورة لشكل الريف الجديد الذى نرى بواكيره تعمل بالكومبيوتر فى مزارع ورود وطماطم جعلت بلدانا شحيحة بالأرض من أكبر البلدان المنتجة للمحاصيل الزراعية.
ويستطرد الكاتب أن «كولهاس» اتخذه الريف العالمى بطلا له لا يقهر بفضل مهنته كصحفى ضليع ينكب على بحث كثيف حول كل ما يخص المشروع المعمارى الذى يبنيه. وفيما يعتبرُ كل شخص مدينة «ستوكهولم» فى الدانمرك نموذجا حضاريا، يرى «كولهاس» فى أكبر مدن نيجيريا (لاجوس) النموذج الواقعى، وليس المثالى. وفيما ينغمر المعماريون العالميون بإشادة الأبراج الشاهقة، ينصرف هو لجعل «دائرة عمارة المتروبول»، التى أسسها فى روتردام بهولندا، من أكبر مراكز التنظير والإنشاء المعمارى فى العالم، تمتد مكاتبها من بكين إلى لندن ودبى ونيويورك.