موتوسيكل الدليفري

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 6 أبريل 2023 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

منذ القدم كانت المطاعم تقدم المأكولات لزبائنها القادمين إليها بسهولة ويسر، ومع تقدم عمر البعض وحاجتهم إلى تسلم الطعام بدلا من خروجهم الذى يعد فى حد ذاته فرصة للتنزه ومشاهدة الآخرين والأماكن المختلفة، أصبح مديرو المطاعم يقدمون خدمة إضافية بإرسال مصنعاتهم إلى المنازل، حتى رغيف الخبز كان البائع يمر على البيوت لتسليمه يدا بيد.

فى العقدين الأخيرين ومع زيادة حدة الاستهلاك، وازدحام أماكن البيع بالرواد من كل حدب وصوب، وكبر سن بعض المستهلكين، ورغبة الكثيرين فى الجلوس فى المنزل بكل راحة ويسر، وعدم تكلف عناء الخروج وضوضاء المرور فى الشوارع، أو بسبب بعد المكان الخاص عن الزبائن، لجأ معظم مديرو المحلات سواء كانوا مطاعم أو باعة الخضراوات والفاكهة وما يمكن تسميته بالسوبر والهايبر ماركت والصيدليات وغيرها إلى الاعتماد على وسيلة أخرى سريعة، وهى الدراجات البخارية أو الموتوسيكل. وقام هؤلاء بتوظيف الآلاف لهذا الغرض، وكانت بعض تلك المحلات تشترط فيمن يعمل لديها فى هذه الوظيفة أن يمتلك موتوسيكلا مجهزا لذلك، أما إذا كان المكان مشهورًا أو كبيرًا فيكون لديه الموتوسيكلات الخاصة به، وخلفها صناديق كبيرة أو صغيرة عليها العلامات التجارية للمكان.

وبناء على ذلك تم تشغيل الكثيرين فى هذا العمل وبمرتبات ليست مغرية، إذ يعتمد غالبية هؤلاء على «بقشيش» الزبائن.

وكما هو كل مرتبط بالمرور فى الشاراع المصرى مرتبط عادة بالعشوائية وعدم التنظيم. فإن شوارع المدن أصبحت تعج بعشرات الآلاف من الموتوسيكلات التى تجوب كافة الأماكن مهما كانت بعيدة أو قريبة عن المحلات التى تقدم الخدمات للناس. وأصبحت تلك الوسيلة مصدر إزعاج غير طبيعى للمارة والسيارات بل وللمقيمين فى البيوت فى بعض الأحيان.

الأمر فى البداية بدا طبيعيًا، بوجود بعض الموتوسيكلات التى سيعمل عليها أفراد بكل التزام بقواعد السير فى الشوارع، ومن ثم ظهر الأمر كما لو كان استفادة جماعية للمحلات وللزبائن ولعمال الدليفرى أنفسهم.

لكن المشكلة بدأت فى كم الاستهتار الكبير الذى ظهر فى السنوات الماضية من عمال الدليفرى، وكأن الشارع المصرى قد خلى من المشكلات لتأتى عليه مشكلة الدليفرى، مع أن تلك المشكلة فى حقيقة الأمر أضيفت إلى عشرات المشكلات المرتبطة بالمرور. إذ إضافة إلى مشكلة الشاحنات الكبرى، والميكروباسات التى لا يحلو لها إلا وأن تقف على قارعة منازل ومطالع الكبارى رغم لافتات التحذير، ناهيك عن سرعتها الجنونية وأصوات الكاسيت المنبعث منها بأكثر الأصوات نشاذًا، وكذلك التكاتك بكل مشاكلها وعجز الدولة عن وقفها نهائيا بمجرد منع تداول قطع الغيار تلك المركبة الغريبة، أضيف إلى كل ذلك موتوسيكل الدليفرى.

واحد من المشكلات الرئيسة المسببة لكثرة الإصابات المميتة لحوادث الدليفرى خاصة والموتوسيكلات عامة، إن راكب الموتوسيكل عبارة عن كائن معلق فى الهواء، لا توجد أية جوانب معدنية لحمايته على العكس من السيارة أو حتى التوكتوك، ما يجعل مسألة عدم ارتداء الخوذة فوق الرأس، باعتبارها العنصر الأهم فى الحماية، مسألة فى غاية الخطورة التى لا يقدرها الكثيرون إلا بعد وقوع الحادث. إذ إن تلك الحوادث تسبب ضربات مباشرة فى الرأس، تؤدى إلى ارتجاج فى المخ قد يتطور إلى نزيف فيه أو كسر عنقه، وقد يصحب كل ذلك كسر فى الجمجمة.

إضافة إلى عدم ارتداء الخوذة التى تعد أبرز مظاهر المخالفة المسببة لكارثة حقيقية، هناك السير عكس الاتجاه، والذى أصبح سمة كافة الموتوسيكلات عامة، حتى إن عابرى الطرق يجدوا الموتوسيكل يمر بجوارهم من الاتجاه المعاكس وبشكل مفاجئ للعابر الذى يكون نظره كله مكرس فى الجهة المفروض أن يحتاط منها. المهم أن هذه الصورة تتكرر دومًا حتى أمام ضباط المرور، الذين اعتادوا هذا المشهد، دون أى تعقيب منهم.

ونظرًا لأن معظم عمل الدليفرى يعتمد على التوجيه من صاحب المحل أو الزبائن، فإن السمة الأخرى الملازمة له أثناء القيادة هى ما يشاهده المارة من سائقين يلوون أعناقهم للحديث فى الموبيل أثناء السير، ما يشى بتشتيت انتباه السائق، والتسبب فى عديد الحوادث.

أما أخف المظاهر المخالفة من قبل الدليفرى والموتوسيكلات، فهى المرور بسرعة البرق بين السيارات، خاصة من جهة الرصيف، حيث يعتبر هؤلاء بحكم الأمر الواقع تلك الجهة مخصصة لهم، رغم أن التخطى الطبيعى هو من جهة اليسار.

كل ما سبق مشكلات لن تجد حلا لها إلا فى التشديد على القائمين بالقيادة لتجنب ذلك كله، وهو ما يرتبط بمتابعة دقيقة من أصحاب المحلات، وشرطة المرور، والجهات المسئولة عن العمل حيث يعمل غالبية هؤلاء دون تأمينات اجتماعية أو صحية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved