الصعيد يريد..
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الإثنين 6 يونيو 2011 - 8:26 ص
بتوقيت القاهرة
تأجيل زمنى محدود للانتخابات، وهو ما يطالب به الكثير من السياسيين والنشطاء الشباب وممثلى الأحزاب ممن التقيت بهم خلال الأيام الثلاثة الماضية بمحافظتى المنيا وأسيوط (وكان هذا سبب انقطاعى عن القراء الأعزاء لعمود من ميدان التحرير). وهم بذلك لا يختلفون فى رؤيتهم عن القوى السياسية والوطنية التى تضغط الآن من أجل التأجيل. إلا أن للصعيد ــ بجانب الأسباب العامة المتعلقة باستحالة إجراء الانتخابات فى الأوضاع الأمنية الراهنة، وتأخر صدور قانون الانتخابات الجديد، وغياب التوافق حول النسب المخصصة للمقاعد الفردية، ومقاعد القوائم الحزبية ــ أسبابه الخاصة للمطالبة بالتأجيل.
السبب الأول: هو تخوف الكثيرين من استمرار النفوذ السياسى والانتخابى لقيادات وأعضاء الحزب الوطنى المنحل، واحتمال نجاح عدد كبير منهم فى الانتخابات القادمة كمستقلين أو على قوائم أحزاب جديدة تسعى قيادات سابقة فى الوطنى لتأسيسها (والقيادات هذه تتجول اليوم على محافظات الصعيد وتلتقى العائلات) المطالبة بتأجيل زمنى محدود للانتخابات تراهن هنا على إعطاء فرصة حقيقية للأحزاب الديمقراطية، القديمة والجديدة، للعمل على اجتذاب الناخبين بعيدا عن نفوذ أعضاء الوطنى السابقين وربما اجتذاب مرشحى بعض العائلات الكبيرة للانضمام لقوائمها.
وقد التقيت خلال الأيام الماضية بمرشحين محتملين لعائلات كبيرة وسبق لبعضهم الترشح على بطاقة الوطنى، إلا أنهم يبحثون اليوم بالفعل عن قوائم حزبية «نظيفة» للترشح من خلالها أو للحصول على تأييدها كمستقلين. مهمة الأحزاب الجديدة إذًا هى أن تنفتح على حسنى السمعة بين هؤلاء ممن لم يتورطوا لا فى فساد مالى ولا فى جرائم ذات صلة بالسياسة يعاقب عليها القانون (تزوير الانتخابات وشراء الأصوات) وتجتذبهم لبرامجها وصفوفها.
السبب الثانى لمطالبة الكثيرين فى الصعيد بالتأجيل: يرتبط بالشكوى من استمرار الدور الخطير لأعضاء المجالس المحلية فى حشد الناخبين لقيادات وأعضاء الحزب الوطنى السابقين وتوظيفهم فى هذا الصدد لصلاحيات المجالس المحلية كامتيازات البناء والتسهيلات العقارية وغيرها المطالبة بالتأجيل تعنى ضرورة حل المجالس المحلية أولا قبل إجراء انتخابات البرلمان وإدارة شئون المحليات من قبل المحافظين ومجالس المحافظات والقيادات الطبيعية بصورة انتقالية. ثمة وجاهة واضحة فى هذا الرأى، خاصة إن أخذنا فى اعتبارنا حقيقة التزوير الفاضح الذى ميز الانتخابات المحلية الأخيرة.
السبب الثالث للتأجيل: هو تقديرى ويتعلق بفهم العوامل المحركة للناخب فى الصعيد ولتفضيلاته السياسية. لم يتعود الناخب فى المنيا وأسيوط على عمل حزبى حقيقى، فالأحزاب غابت طوال العقود الماضية وحضر الوطنى من خلال العائلات الكبيرة ورجال الأعمال وحضر جزئيا الإخوان من خلال النشاط الاجتماعى وحضرت بقوة الحركات السلفية من خلال العمل الدعوى.
الناخب فى الصعيد يحتاج لمزيد من الوقت كى يتعرف على برامج الأحزاب السياسية ويتفاعل مع أعضائها، كى يبتعد فى تفضيلاته عمن يعده بتسهيلات عقارية أو بامتيازات مالية أو بسلع غذائية رخيصة (للأسف يقع بعض الأحزاب الديمقراطية الجديدة فى محظور توظيف نفس هذه الممارسات لاجتذاب الناخبين) وينفتح على البرامج الجادة التى تريد تنمية المجتمع وتقدمه. الناخب فى الصعيد يحتاج أيضا لمزيد من الوقت كى يبتعد فى تفضيلاته عن أحكام مسبقة على الأحزاب الديمقراطية تقدمها له بعض الجماعات الدينية التى تصنف باطلا الليبراليين كأعداء للدين والديمقراطيين ايضا باطلا كعلمانيين يريدون إبعاد الدين عن المجتمع.