التطبيع مع الجزائر
وائل قنديل
آخر تحديث:
الثلاثاء 6 يوليه 2010 - 9:26 ص
بتوقيت القاهرة
لا تهم الأسباب المعلنة لزيارة الرئيس مبارك المباغتة إلى الجزائر.. المهم أن الزيارة تمت وأن أعلاما مصرية رفعت بكثافة فى شوارع جزائر الكفاح والتحرير، جزائر المجاهدين المنتصرين على أشرس استعمار عرفه التاريخ، جزائر بن بلا وجميلة وعبدالناصر وبومدين ووردة، جزائرنا التى أراد بعض السفهاء منا ومنهم أن يستبدلوا بعلاقات الأخوة فى الهوية والهم عداوات منحطة وصراعات جهولة لا تقتصر على ملاعب الكرة بل أرادوا لها أن تمتد لتأكل الأخضر واليابس من كل القيم المحترمة.
لقد بحت أصوات عديدة تستصرخ الكبار أن يؤدوا ما عليهم من التزامات أخلاقية وإنسانية تجاه شعوبهم.. أن يوقفوا المهزلة باختراق ما، خطوة ما تنهى حالة الارتداد العنيف إلى حروب الجاهلية فى أبشع تجلياتها، وتعفينا من تمزيق ملابسنا والتعرى أمام العالم كله.
وأظن أنك تتساءل مندهشا معى: إذا كان إخماد الفضيحة بهذه السهولة والبساطة، فلماذا لم يتحركوا من البداية؟ لماذا سكتوا كل ذلك الوقت ووقفوا مكتوفى الأيدى أمام حرب (زاهر ــ روراوة) وهى تتسع لتحرق فى طريقها الماضى الجميل وتلتهم المستقبل؟
لا أظن أنهم كانوا سعداء بتلك المشتمة البذيئة التى اندلعت فى أوراق الصحف والمنتديات العنكبوتية، الأرجح أنهم تركوا الأمور حتى استفحلت واختلط فيها الشخصى بالعائلى بالعام، واستسلموا لرغبة بعض الأشرار فى استمرار العرض المبتذل، طالما إقبال الجمهور المخدوع يتزايد يوما وراء الآخر.
والسؤال الآن: هل خسرت مصر شيئا بزيارة الرئيس مبارك الخاطفة للجزائر؟ بكل تأكيد لم تخسر، بل كسبت الكثير، بالقدر نفسه الذى كسبت به الجزائر، ولا تصدق أولئك التجار الذين يحاولون تسويق أردأ أنواع البضاعة الإعلامية والثقافية من عينة أن بعض العرب يكرهوننا، أو يريدون القفز على الدور والريادة، ثق تماما أنهم يريدون مصر دائما كبيرة وواعية بحجمها الممتد فى عمق التاريخ والجغرافيا، وأكرر ما قلته مرارا: إن علا الصراخ من هنا أو هناك ضد بعض ممارسات مصر وسياساتها فهذا مبعثه أن أحدا لا يتصورها صغيرة وضعيفة، أو تتصرف مثل الصغار والضعفاء.. إنه غضب المحبين الحقيقيين وهو أنبل وأرقى من رضا النصابين المحترفين.
لكن السؤال الأهم الآن: هل تستتبع زيارة الرئيس مبارك للجزائر خطوات عملية وإجراءات فعلية على الأرض لإزالة الجدار النفسى بين قطاعات من الجماهير المصرية والجزائرية؟ هل تدور العجلة لإعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى طبيعتها، أم أن «التطبيع» سيبقى فى سكة الخطأ والخطيئة؟