المهاجرون وأنواعهم
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 6 يوليه 2024 - 9:30 م
بتوقيت القاهرة
تاريخ مصر وحضارتها بجانب جغرافيتها، فهى فى وسط العالم ما بين آسيا وإفريقيا، تجعل طبيعتها مُرحبة بكل قادم إليها، كما أحب أن أصفها مثل الشجرة – فالدلتا تفتح أذرعها نحو العالم مما تجعلها منفتحة ومستقبلة بينما جذورها مع النيل ومنابعه تصل إلى قلب إفريقيا.
ومصر دائما وأبدا كانت مستقبلة لكل من يلجأ و يلوذ إليها بدءًا من الرسل والأنبياء والعائلة المقدسة حتى الشوام والأرمن الذين فروا من بطش العثمانيين. فاليهود والإيطاليون واليونانيون الذين جاءوها فى عصر الخديو اسماعيل وما بعده بحثا عن لقمة العيش.
اليوم أصبح المهاجرون الذين وصل تعدادهم إلى ما يقرب العشرة ملايين عبئا على المواطنين والحكومة على حدٍ سواء . وموضوع المهاجرين أصبح صداعا لدول كثيرة مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا
والولايات المتحدة وكندا وغيرها وهى دول أغنى منا بكثير، فما زالت تستقبل مهاجرين ولكن بالقطارة واضعة شروط تعجيزية للهجرة إليها، خاصة أن الجماعات المهاجرة إليها لم تستطع أن تندمج كلية فيها. كثيرون عاشوا على هامش المجتمع وفى أفقر الأحياء لذا ظهر فيها التطرف – الإرهاب – المخدرات – الإباحيات وما إلى ذلك.
هناك عدة أنواع من الهجرة التى لابد عند الدراسة والتعامل فى هذا الملف أن نضعها فى الاعتبار.
هناك الهجرة الشرعية الحرة Immigration ، هناك الهجرة غير الشرعية Clandestin، هناك اللجوء بأنواعه Refuge ، هناك النزوح وهذا فعل غير إرادى بسبب الحروب – خاصة الأهلية والفقر والتصحر وغيرها Exodus أو deplacement of population، وهناك أيضا الطرد أو التهجير القسرى Expulsion وأخيرا المغترب الذى غالبا يأتى للعمل أو لإقامة مشروع أو مع شركة أجنبية Expatriat .
هذه الأنواع المختلفة تقتضى من الحكومة دراسة كل نوع من الهجرة على حدة قبل إصدار القرارات التنفيذية والتى تبدو متعسفة فلا يمكن مساواة الأشقاء السودانيين الذين نزحوا بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السودانى وميليشيا عسكرية فتركوا مالهم وبيوتهم وملابسهم وجاءوا تقريبا كما ولدتهم أمهم، فكيف نطالبهم بتوفيق أوراقهم وأوضاعهم مثلهم مثل أناس آخرين جاءوا كهجرة شرعية للعمل وإقامة محلات ومصانع فالعدل يقتضى أن نفرق، خاصة أن كثيرين يظلون فى مصر منتظرين انتهاء أوراقهم من هيئة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتى تأخذ وقتا طويلا للبحث لهم عن دول تستضيفهم فيظلون فى هذه المدة خارج الإطار القانونى لدولة مصر.
مآس كثيرة نسمعها، ناهيك عن المرضى والمسنين الذين لا أوراق لهم ولكن وضعهم الإنسانى مآسوى.
هناك مهاجرون جاءوا إلى مصر منذ السبعينيات والثمانينيات لأسباب سياسية ودينية وحروب ولم يتم التعامل بجد وبعمق فى هذا الملف والذى أدى اليوم إلى تفاقم الأوضاع، لذا نهيب بدولة رئيس الوزراء والحكومة الجديدة أن تنظر بعين الرحمة إلى هؤلاء ذوى الأوضاع الاجتماعية الصعبة وننظر إليهم «كإنسان» ونتعامل فى هذا الملف «إنسانيا» قبل الشرائع والقوانين، ونحن واثقون أن الشعب المصرى المضياف والكريم سيتحمل بعض الشىء رحمة مع هؤلاء.