إلغاء أوسلو.. حقيقة أم خيال؟

إيهاب وهبة
إيهاب وهبة

آخر تحديث: السبت 6 أغسطس 2011 - 11:07 ص بتوقيت القاهرة

كالت إسرائيل مختلف الاتهامات للسلطة الفلسطينية على خلفية عزم الاخيرة الحصول على عضوية دولة فلسطين الكاملة فى الأمم المتحدة. زعمت إسرائيل أن ذلك التوجه الفلسطينى انما يمثل خطوة احادية الجانب، ويتناقض مع اتفاق اوسلو، ويقضى على كل فرص التفاوض.

الواقع أن إسرائيل هى الأولى بأن توجه اليها تلك الاتهامات. فلا يمضى يوم واحد دون أن تُقدْم إسرائيل على خطوة جديدة من خطواتها الانفرادية، سواء تمثل ذلك فى نشر سرطانها الاستيطانى فى الاراضى المحتلة، أو اقامة الجدار العازل غير الشرعى، أو قطع الطريق على أى مفاوضات.

عندما لم تفت هذه الاتهامات فى عضد السلطة الفلسطينية، لجأت إسرائيل الى جماعات الضغط التابعة لها فى الولايات المتحدة، فاستصدرت قرارين من مجلسى النواب والشيوخ الامريكيين لحث الحكومة الامريكية على إعمال حق الفيتو فى مجلس الامن ضد التوصية بقبول عضوية فلسطين فى المنظمة الدولية، بالاضافة الى التهديد بقطع المعونات الاقتصادية عن السلطة الفلسطينية إذا لم تتراجع عما تنوى الاقدام عليه. لم تتراجع السلطة عن موقفها، بل ازدادت تصميما على المضى فى مسيرتها، وتلقت دعما عربيا غير محدود، وبدأت السلطة الفلسطينية الخطوات التمهيدية للتقدم بطلب العضوية.

●●●


كان على إسرائيل إذن أن تذهب خطوة أبعد فى مواجهة السلطة. فمنذ ايام قليلة تم تسريب خبر مفاده أن مجلس الامن القومى الاسرائيلى يدرس العديد من الخيارات التى يمكن أن تلجأ اليها إسرائيل متى تحقق للفلسطينيين رغبتهم فى عضوية دولتهم فى المنظمة الدولية. من هذه الخيارات، وفقا لهذه التسريبات، الغاء اتفاق اوسلو الذى تم التوصل اليه فى 13 سبتمبر 1993والواقع أن مثل هذه الخطوة الاسرائيلية، إذا ما تحققت فعليا، فيمكن أن تهدم كل ما تم تشييده من بنيان، بشق الانفس، منذ تسعينيات القرن الماضى. السلطة الفلسطينية، وأجهزتها، واختصاصاتها، وصلاحياتها، يمكن أن تصبح فى خبر كان، ويطل علينا من جديد الحكم العسكرى الاسرائيلى البغيض، وادارته المدنية فى الاراضى المحتلة.

وبما سيكون علينا أن نشهد قوات الشرطة الفلسطينية، التى نشأت بمقتضى الاتفاق، وهى تحت امرة ضابط اسرائيلي! وإذا ما سقطت اوسلو فلابد أن تسقط معها كل الاتفاقات، ونتائج اللقاءات والمؤتمرات، التى عقدت منذ توقيع اتفاقية اوسلو والمواثيق الدولية التى اعتبرت الاتفاقية مرجعية لها. سيكون على إسرائيل أن تتحمل ما يمكن أن ينال من مبدأ الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل الذى نص عليه اتفاق اوسلو.

وهل إسرائيل على استعداد للتضحية باعتراف رئيس منظمة التحرير فى خطاب رسمى لرئيس وزراء إسرائيل فى سبتمبر 1993 «بحق إسرائيل فى الوجود فى سلام وأمن»؟ هل قدرت إسرائيل ردود الافعال لدى الشعب الفلسطينى تجاه الخطوة الاسرائيلية. ألن تُطلق هذه الخطوة شرارة انتفاضة ثالثة تصب فى تيار الثورات العربية الجارف. وهل تقف دول العالم موقف المتفرج وهى التى أقامت العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وأنشات البعثات التمثيلية معها، وتوالت اعترافاتها بالدولة الفلسطينية، وأكدت ضرورة اقامتها جنب الى جنب مع اسرائيل؟ وهل تلك الدول على استعداد لإهدار كل ما استثمرته سياسيا واقتصاديا من اجل التوصل الى حل عادل ودائم فى منطقة الشرق الاوسط وتحقيق الاستقرار بهذه المنطقة الحيوية؟

●●●

تنشط منذ فترة حملة دولية تستهدف توقيع العقوبات على اسرائيل، والامتناع عن الاستثمار فى مشاريعها، ومقاطعتها، أسوة بالحملة التى ضيّقت الخناق على النظام العنصرى فى جنوب افريقيا.

ولا يحتاج أحد الى سعة من الخيال لكى يصل الى قناعة أن مثل هذه الحملة ستزداد ضراوة أمام أى حماقات اسرائيلية جديدة. بل إن ما تخشاه إسرائيل من اسقاط الشرعية عنها سيتم فى هذه الحالة على ايدى اسرائيلية خالصة وليس بأيدٍ عربية.

حصل الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، ومعه رئيس وزراء إسرائيل اسحق رابين، ووزير خارجيتها شيمون بيريز، على جائزة نوبل للسلام فى عام 1994، لأدوارهم فى التوصل الى اتفاق اوسلو، فأى نوع من الجوائز سيحصل عليها نتنياهو لدوره فى هدم الاتفاق ذاته؟
اذا ما استطعنا الاجابة عن كل هذه التساؤلات، سنكون قد نجحنا فى معرفة ما إذا كان التهديد الاسرائيلى بإلغاء اتفاق اوسلو، حقيقة ام خيالا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved