الشاه بين التعظيم والتحقير
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 6 أغسطس 2022 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
انطفأ شأه إيران فى منفاه الأخير فى القاهرة يوم 27 يوليو 1980 بعد أن داهمه مرض السرطان فى الغدد الليمفاوية، وقد أقام له صديقه المرحوم أنور السادات جنازة عسكرية إمبراطورية بعد أن طردته الثورة الخومينية الإسلامية عام 1979 وبعد أن تخلت عنه الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه كان رجلها الأول فى الشرق الاوسط وبعد عدة أشهر قليلة من زيارة الرئيس جيمى كارتر لطهران رفض له حتى المنفى دون أدنى رحمة إنسانية لرجل مريض ولا اعتبار لكل الخدمات التى قدمها لهم الرجل وهذا وحده يكفى لنتعلم هذا الدرس التاريخى أن الصداقة فى المفهوم الأمريكى هى فقط المصالح ولا يجب الاتكال على أى قوى مهما كانت حليفة فى فترة من الفترات.
وقد قدم الرئيس السادات أكبر درس إخلاقى للولايات المتحدة رغم أن الرئيس الامريكى جيمى كارتر صديقه الصدوق إلا أنه قدم للشاه اللجوء السياسى لمصر هو وأسرته بعد أن رفضته الولايات المتحدة الأمريكية وتوابعها.
كان الشاه فى أوائل حكمه معبود شعبه فقد عمل على نقل إيران من الجاهلية إلى الحداثة وكان يحلم أن يجعل منها القوة الخامسة بحلول عام 2000، وأمريكا جعلت منه أداة من أدواتها ورغم ذلك تركته يسقط بعد 37 سنة من الحكم.
فى عام 1979 استقبلت فرنسا آيه الله الخمينى فى منطقة NEAUPHLEــ LE ــ CHATEAU خارج باريس بينما الشاه تنقل ما بين المغرب وجزر البهامز حتى استقر فى مصر مريضا، ولا ينسى شعب مصر أن الشاه وقف بجانبه فى الأوقات الصعبة حتى أنه أمر ناقلات البترول أن تغير وجهتها وتتجه إلى مصر أبان حرب اكتوبر المجيدة عام 1973 بجانب المساعدات الطبية والعسكرية وتسهيل مرور الطائرات الروسية فى أجوائه رغم تحالفه مع الولايات المتحدة وذلك لمساعدة مصر.
قوبل موت الإمبراطور فى طهران بتهكم فقد كتبت الصحف الإيرانية «موت الفرعون» وأيضا «موت مصاص الدماء» كما وصفته جريدة طهران تايمز، أما الحكومة الإسلامية لم تعطى أهمية تذكر.
وفى 29 يوليو 1980 عزفت الموسيقات العسكرية السلام الإمبراطورى وترأس المرحوم الرئيس السادات موكب الجنازة العسكرية بينما الجثمان ملتحف بالعلم الإمبراطورى وذلك من قصر عابدين إلى مسجد الرفاعى.
حضر الجنازة الشهبانو فرح ديبا وعائلة الإمبراطور والسيدة المرحومة جيهان السادات بجانب ملك اليونان السابق قسطنطين والأمير ــ فيكتور إيمانويل ــ من إيطاليا. أما الدول الكبرى بلم ترسل إلا سفرائها المعتمدين فى القاهرة ولكن إحقاقا للحق جاء الرئيس الأسبق نيكسون الذى وصف سياسية بلاده تجاه الشاه «بالمخجلة».
حياة شاه إيران هى درس فقد عمل كل الطرق ليطور شعبه وجيشه ولكن آيات الله فى مدينة «قم» العاصمة المقدسة للشيعة تآمرت عليه عدة مرات واستغلت الدين ضده وقلبت الشعب البسيط عليه. أسمحوا لى أن أطرح عدة أسئلة قد يجيب عليهم المتخصصون، هل الحزب الديمقراطى الأمريكى كان قد رسم منذ ذلك الوقت بروز الإسلام السياسى فى الشرق؟ أليس جيمى كارتر مهندس إصعاد الإخوان فى مصر حتى أنه زار المرشد فى مقر الإخوان المسلمين فى المقطم؟ أليس الديمقراطيون مثل باراك أوباما من شجع الإسلام السياسى فى تونس ومصر والأردن والسودان وسوريا وتركيا وغيرها وعمل على تحقيق حلم الإخوان وهو «الخلافة»؟ أليس الرئيس الحالى بايدن يناور مع الدول العربية لتحقيق نفس الأهداف إلا أن الحرب الروسية ــ الاوكرانية شغلته؟ هذه أسئلة وغيرها تحتاج بحث دقيق لنعرف كم يتربص الغرب بنا غير مبالٍ بالشعوب والحضارات والأصول والأديان الموجودة فى المنطقة.