فضيحة سدية تيمان

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 7:50 م بتوقيت القاهرة


الفضيحة الإسرائيلية التى حدثت فى معتقل «سدية تيمان» فى صحراء النقب مؤخرًا، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك همجية ووحشية وعنصرية وإجرام الاحتلال الإسرائيلى وأنهم لا يتعاملون مع الفلسطينيين على أساس أنهم بشر لهم ما للبشر من حقوق أساسية، والدرس المستفاد الوحيد من هذه الجريمة الفضيحة أنه يحق لأى إسرائيلى قتل وتعذيب أى فلسطينى دون أن يتعرض لأى عقاب حتى لو كان شكليًا.‎ مبدئيا فإن معتقل سدية تيمان أقامته إسرائيل فى صحراء النقب قرب قطاع غزة بعد عدوان ٧ أكتوبر وتحتجز فيه مئات الفلسطينيين فى ظروف بالغة السوء. ‎بداية الفضيحة تقارير صحفية فى العديد من وسائل الإعلام الغربية والأمريكية ومنها الواشنطن بوست الأمريكية عنوانه مسجونون فلسطينيون يروون انتهاكات مميتة يتعرضون لها فى السجون الإسرائيلية تشبه سجن جوانتانامو.

لكن الذى أثار شهية الإعلام هو حادثة محددة لمعتقل فلسطينى تم اغتصابه بوحشية وقتله داخل السجن على يد مجموعة من جنود المعتقل.‎ فى التقارير الصحفية يروى العديد من الأسرى ما يتعرضون له من تعذيب ممنهج. فمثلا تحدثوا عن أسير توفى بتمزق فى الطحال وكسر فى الأضلاع بسبب التعذيب، وعلى شاكلته الكثير من الأسرى الذين توفوا بسبب الإهمال من إدارة السجن. ‎أحد المصادر التى اعتمدت عليها الواشنطن بوست تقرير من منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية»، الذين حضروا تشريح جثث ثلاث من المتوفين، من بين ١٣ أسيرا فلسطينيا توفوا داخل السجون الإسرائيلية فى حين أن التقارير الفلسطينية ترصد وفاة ٥٠ أسيرا فلسطينيا منذ بداية العدوان. ‎الذين تحدثوا للصحفيين الأمريكيين قالوا إنهم محرومون من الغذاء الكافى والرعاية الطبية، أما الإساءات النفسية والجسدية والضرب بالكلاب أمر روتينى. ‎

جيسكا مونتيل المديرة التنفيذية لمنظمة هموكيد الإسرائيلية لحقوق الإنسان، قالت إن كل سجين التقيت به فقد ٣٠ رطلا على الأكل من وزنه، وسبب ذلك هو مناخ الانتقام السائد فى إسرائيل منذ ٧ أكتوبر الماضى. ‎ما سبق هو مضمون تقرير الواشنطن بوست وبعد نشره قامت وحدة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية بأمر من مكتب المدعى العسكرى. ‎بحمله على السجن واعتقلت عشرة جنود داخل معتقل سدية تيمان للتحقيق معهم بتهم التنكيل بالأسرى الفلسطينيين خصوصا بعد حالة واضحة لأسير تم اغتصابه ونقله من السجن فى حالة خطيرة. ‎

عندما وصل محققو الشرطة العسكرية للمعتقل اندلعت مواجهات بينهم وبين الجنود الذين رفضوا الاستجابة لأمر القبض عليهم، وظلت الاشتباكات مستمرة لساعات طويلة، وعلى حد وصف صحيفة هاآرتس الإسرائيلية فإن جنود المعتقل أطلقوا غاز الفلفل على عناصر الشرطة العسكرية قد يسأل سائل ويقول: وأين هى الفضيحة فى كل ما سبق؟ ‎الإجابة ببساطة أن رد فعل العديد من مسئولى الحكومة كان شديد الرفض لما قامت به الشرطة العسكرية، رغم أنه صادر بأمر من مكتب المدعى العام العسكرى والمفترض أن التحقيق فى كل ما يتم داخل السجن من بين صلاحياته. ‎

رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست يولى ادلشتاين المنتمى لحزب الليكود قال إنه سوف يستدعى المدعية العامة العسكرية لجلسة عاجلة وأنه لن يسمح بمشاهد مثل ما شاهده داخل المعتقل. فالجنود داخل المعتقل ليسوا بمجرمين وهذه الملاحقة الحقيرة لجنودنا غير مقبولة. ‎وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير قال إن مشهد دخول الشرطة العسكرية لاعتقال جنود ‎المعتقل أمر مخزٍ، وأن الأولى أن يقوم وزير الدفاع ورئيس الأركان بدعم الجنود بدلا من اعتقالهم!! ‎المنطق الطبيعى يقول إن وزير الأمن القومى يفترض أن يشرف بنفسه على ضرورة تطبيق القانون داخل السجون، وأن يحيى جنود الشرطة العسكرية الذين حاولوا التحقيق فيما يحدث داخل المعتقلات، حتى من زاوية التمثيل والإيهام للخارج أن هناك شكلا قانونيا، لكن أن يهاجم وزير الأمن وبقية المسئولين داخل الحكومة جهة حكومية حاولت تطبيق القانون داخل المعتقل، فالمعنى الرئيسى الذى يصل للجميع هو أن المسئولين الإسرائيليين يعطون الإشارة الخضراء لمسئولى السجون بأن تعذيبهم وقتلهم للأسرى الفلسطينية داخل السجون لا يكون عقابه التحقيق والسجن بل التكريم. ‎شكرا لإيتمار بن غفير وبقية مسئولى الحكومة الإسرائيلية الذين أكدوا لنا وللعالم أجمع أنهم عصابة من القتلة العنصريين، ‎بعض الكتابات الصحفية الإسرائيلية اعتبرت ما حدث فى هذا المعتقل كارثة كبرى قد تقود إلى تفكك إسرائيل من الداخل بعد أن سيطر جنون التطرف على كل مناحى الحياة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved