ردع إيران وحلفائها
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 7:45 م
بتوقيت القاهرة
فى الأيام الماضية اتجهت إسرائيل إلى تأسيس مرحلة ردع جديدة فى مواجهة إيران والميليشيات التابعة لها تقوم على استهداف أى شخص تسبب فى قتل إسرائيليين، أو حرض على قتلهم، أو يشكل خطورة عليها أيًا كان المكان الذى يتواجد فيه. استهدفت صالح العارورى، وفؤاد شكر فى بيروت، وعناصر مهمة من الحرس الثورى فى مبنى القنصلية الإيرانية فى دمشق، وتوسعت فى استهداف العناصر المسلحة فى الميليشيات الفلسطينية، وقتلت إسماعيل هنية فى غرفته بمركز الضيافة الذى يقيم به التابع للحرس الثورى الإيرانى، والذى تردد عليه مرات عديدة فى السابق، ورغم كل ما تردد عن أسلوب الاغتيال ما بين من ذهبوا إلى انه صاروخ موجه أو عبوة ناسفة حسبما ذهبت «نيويورك تايمز»، وبعض وسائل الإعلام الأمريكية، فمن غير المعروف على وجه اليقين ماذا حدث، فلم تتحدث إيران، ولم تعترف إسرائيل بمسئوليتها عن الحادث، وهو نفس ما حدث فى حادث مقتل الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، حيث تعلن إيران فى كل مرة عن إجراء تحقيقات، لا تعلن نتائجها.
المسألة ليست فى بلوغ إسرائيل هذا المستوى من الاختراق الأمنى لإيران، فقد سبق أن استهدفت علماء نوويين، وعناصر عسكرية فى قلب شوارع طهران، لكن فى إرسال رسالة إلى إيران وحلفائها أنها تستطيع أن تخترق كل الدوائر الأمنية اللصيقة، والضيقة، والمستحكمة، حتى فى أكثر الأوقات استنفارًا وتأمينًا. ونحن هنا لا نتحدث عن القدرات العسكرية الإسرائيلية، التى دون شك تستطيع أن توجع إيران، ولكن نتحدث عن قدرات استخباراتية تستعيد تأثيرها بعد اهتزاز صورتها كثيرًا فى 7 أكتوبر الماضى أمام الهجوم المباغت الذى شنته حماس، وميليشيات فلسطينية أخرى.
الواضح، أن إسرائيل استفادت كثيرًا من الصراعات السياسية الدائرة فى الدول المعادية لها، والتى وفرت لها بيئة مواتية لإيجاد من يتعاونون معها ضد حكوماتهم، ليس فقط سوريا ولبنان والمناطق الفلسطينية، لكن فى إيران نفسها، حيث تذوب الفروق بين الدولة والنظام السياسى فى عيون كثيرين تحت وطأة الصراعات السياسية والعسكرية، ويصبح العدو الخارجى أقرب من العدو الداخلى فى ظل المآسى التى تنتج عن الصراعات المسلحة الداخلية. ووفر التقدم التكنولوجى لإسرائيل إمكانية تتبع العناصر المطلوب قتلها، والوصول إليها بدقة سواء فى الوقت أو الأسلوب.
ورغم أن العالم يترقب، والانباء التى تصدر عن إيران تدعو الناس إلى توقع رد فعل قاس، ويقول مراقبون أن هناك هجمات متوقعة تشارك فيها إيران وحزب الله والحوثيون وغيرهم من الميليشيات المحسوبة المرتبطة بها، لكنى لا أتوقع ذلك، وأغلب الظن سيكون الرد باهتًا أسوة بما كان عليه فى إبريل الماضى، لأن إسرائيل رغم الخسائر التى منيت بها فى غزة، استطعت أن تؤسس مرحلة جديدة من الردع فى العلاقة مع طهران وشركائها، وقد يكون نتيجة أى رد فعل إيرانى واسع النطاق قصف طهران، ومنشآتها النووية، مثلما حذر من قبل دونالد ترامب فى اعقاب اغتيال قاسم السليمانى، ورضخت طهران، وخشت من تهديداته، وقد يترتب على انخراط حزب الله فى مواجهة شاملة مع إسرائيل تدمير لبنان، وأيضًا قد يٌمنى بمصير مشابه لما تواجهه حركة حماس اليوم.